- مشروعات الشراكة بين «العام والخاص» بحاجة لمراجعة تشريعية تمنع تعطلها مستقبلاً
- غياب البدائل التمويلية دفع الحكومة لتسييل ودائعها بالبنوك لسد احتياجاتها أثناء الجائحة
قال نائب الرئيس التنفيذي لبنك الكويت الوطني ـ الكويت سليمان المرزوق «نجني ثمار تفوقنا الرقمي الذي يسهم بشكل كبير في خفض التكلفة وزيادة حصتنا السوقية».
وأضاف المرزوق، في مقابلة مع مجلة «ذا بانكر»: «في نهاية العام الماضي، أطلقنا بنك «وياي» أول بنك رقمي في الكويت ليكون بمثابة ركيزة أساسية لنمونا المستقبلي وداعما رئيسيا في خطتنا لتعزيز حصتنا المهيمنة في السوق المحلي».
أبدى المرزوق تفاؤله الذي لا يخلو من الحذر فيما يتعلق بآفاق النمو وانتعاش النشاط الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، وهو ما يرجع في الأساس إلى إلغاء القيود المفروضة بسبب جائحة كورونا بفضل تسارع وتيرة التطعيمات، وذلك بالتزامن مع ما نشهده من ارتفاع قياسي في أسعار النفط التي اقتربت من أعلى مستوياتها على الإطلاق وسط زيادة الطلب على الطاقة نتيجة تعافي الاقتصاد العالمي وتصاعد وتيرة التوترات الجيوسياسية عالميا نتيجة الأزمة الأوكرانية.
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط يدعم تحسن أوضاع المالية العامة حيث تقلص عجز الميزانية على مدار 11 شهرا إلى نحو 400 مليون دينار كويتي ما يشير إلى إمكانية تسجيل فائض بنهاية العام المالي الذي ينتهي في نهاية مارس متوقعا استمرار ذلك التحسن مع عودة الحياة لطبيعتها وخاصة إذا حافظت أسعار النفط على مستوياتها المرتفعة.
وقال «لدينا فجوة في مشروعات البنية التحتية وفي ظل تحسن أوضاع المالية العامة نتوقع تسارع وتيرة ترسية المشروعات لتصل إلى نحو 3 مليارات دينار كويتي في العام 2022».
وأضاف «نتوقع أن يستمر زخم الإنفاق الاستهلاكي في العام 2022 على خلفية تحسن النشاط الاقتصادي وإن كان بوتيرة أبطأ من العام الماضي التي ارتفع فيها بنحو 37% بدعم من تأجيل سداد أقساط القروض والقيود المفروضة على السفر خارج الكويت».
وأوضح أن فرص الإصلاح المالي لا تزال تواجه تحديات في ظل حالة التأزيم السياسي بين مجلس الأمة والحكومة الأمر الذي قد يؤثر سلبا على جهود ترشيد الإنفاق وزيادة الإيرادات الحكومية أو تمرير مشروعات قوانين مثل قانون الدين العام والرهن العقاري وخاصة في ظل ارتفاع أسعار النفط وبلوغه مستويات قياسية.
بيّن المرزوق أن مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص عانت من حالة جمود خلال السنوات الماضية بينما أبدى تفاؤله بالتوجهات الحكومية الأخيرة والقرارات التي اتخذها وزير المالية بإحالة أملاك الدولة التي انتهت عقود البناء والتشغيل والنقل الخاصة بها إلى هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص ما يعزز من توقعات نمو إقراض الشركات خلال الفترة المقبلة.
وقال المرزوق: «لابد من مشاركة القطاع الخاص في تمويل المشاريع وأن يتولى دفة الاقتصاد، من أجل تعزيز المنافسة وكفاءة الإنتاج والتي تعد ركيزة أساسية لتحقيق رؤية الكويت 2035 كما يسهم بشكل كبير في زيادة الإنفاق الاستثماري الذي لا يمثل سوى 13% من إجمالي الإنفاق الحكومي في الموازنة التقديرية للعام المالي 2022/2023».
وأضاف «تحتاج مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى مراجعة تشريعية بما يدفع بسرعة إنجاز تلك المشروعات وعدم تعطلها في المستقبل وان تكون هناك آلية واضحة لحل النزاعات. كما لابد من الإسراع بإطلاق العديد من المشروعات التي تسهم في تراكم خبرات عملية وتلقي الضوء على جوانب القصور والحلول التي نحتاج اليها لتطوير تلك الآلية الحيوية لتحقيق التنمية المستدامة».
وأشار المرزوق إلى ان تراجع الودائع في العام 2021 شمل الودائع الحكومية وقطاع الأعمال لكنه تركز في الودائع الحكومية التي انخفضت بنحو 1.6% في ظل عجز الميزانية والاحتياجات المالية العاجلة للاستجابة لتداعيات «كوفيد-19» وسط غياب بدائل لتمويل العجز بسبب تعطل العمل بقانون الدين العام ما دفع الحكومة إلى السحب من ودائعها لدى البنوك المحلية إلى جانب اعتمادها على بدائل أخرى لتوفير السيولة اللازمة.
وأكد أن انخفاض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية واتجاه البنوك لتقليص ودائع المؤسسات الكبيرة ذات الفائدة المرتفعة وسعيها في المقابل لزيادة مساهمة ودائع الأفراد ذات التكلفة الأقل عزز من انخفاض الودائع.
وأكد المرزوق أن إعلان بنك الكويت المركزي عن بدء العودة التدريجية بداية من 1 يناير 2022 إلى تطبيق المتطلبات الرقابية الخاصة بنسب السيولة الرقابية وتغطية السيولة ومعيار صافي التمويل المستقر لما كانت عليه قبل جائحة كورونا يعكس تمتع البنوك بمؤشرات رسملة وسيولة وربحية وجودة أصول قوية ونجاحها في تخطي التحديات التي فرضتها الجائحة.
وقال «رغم تخفيف بنك الكويت المركزي في أبريل من العام 2020 بعض المتطلبات الرقابية استجابة لتداعيات جائحة كورونا فقد كنا في الوطني نتمتع بمستويات سيولة توافق المتطلبات الرقابية ومتطلبات اتفاقية بازل 3».
وأضاف «سجلنا نموا قويا في القروض خلال العام 2021 بنسبة 12.7% بدعم من تأجيل أقساط القروض الاستهلاكية 6 أشهر ما يجعله قد لا يستمر خلال العام الحالي. لذلك، نتوقع نمو القروض برقم كبير في خانة الآحاد خلال العام 2022 في ظل ما ذكرناه من تحسن أوضاع المالية العامة وتسارع وتيرة ترسية المشروعات».
أما فيما يتعلق بجودة الأصول، قال المرزوق «تحسنت نسبة القروض المتعثرة خلال العام الماضي وبلغت 1.04% بنهاية ديسمبر مقارنة كما بلغت نسبة تغطية القروض المتعثرة 300% بنهاية ديسمبر 2021 وهو ما يرجع إلى تحسن الجودة الائتمانية لبعض العملاء بالتزامن مع عودة الحياة لطبيعتها، إضافة إلى شطب بعض المديونيات ونتوقع الحفاظ على مستويات القروض المتعثرة عند نفس المستويات خلال الفترة المقبلة في ظل استمرار تحسن البيئة التشغيلية».
وبسؤاله عن التحول الرقمي للوطني، قال المرزوق «نضع تنفيذ خارطة التحول الرقمي التي بدأناها منذ سنوات في صدارة أولوياتنا وقد قمنا بضخ استثمارات ضخمة ونجحنا في بناء بنية تحتية تكنولوجية وإمكانات رقمية هائلة انعكست على تفوقنا في تقديم الخدمات والمنتجات الرقمية وحلول الدفع المتطورة، وهو ما تأكد خلال تفشي جائحة كورونا وقدرتنا على خدمة عملائنا رغم القيود التي تم فرضها في ذلك الوقت».
وأوضح زيادة اعتماد عملاء البنك على القنوات الإلكترونية بشكل مكثف، حيث تم إنهاء 97.6% من المعاملات المصرفية في العام 2021 عن طريق خدمة الوطني عبر الموبايل والوطني عبر الإنترنت وأجهزة السحب الآلي والإيداع النقدي، كما زادت الخدمات المصرفية التي تمت عن طريق خدمة الوطني عبر الموبايل بنسبة 50% على أساس سنوي.
كما أشار إلى إطلاق بنك «وياي» أول بنك رقمي في الكويت نهاية العام الماضي ليكون بمثابة ركيزة أساسية لنمو البنك المستقبلي وداعم رئيسي في خطة تعزيز حصته المهيمنة في السوق المحلي من خلال استهداف شريحة الشباب، كما يمثل نقطة انطلاق في إطار سعي الوطني لتطبيق استراتيجيات مماثلة في الأسواق التي نعمل بها في المنطقة.
تطوير الأجندة الرقمية للبنك
قال المرزوق انه عند تطوير أجندة الوطني الرقمية، كان أحد أهدافها الرئيسية التوازن بين الاستثمارات في المجالات التكنولوجية ووتيرة تنفيذ خارطة الطريق الرقمية على مستوى كافة الفروع الخارجية للمجموعة بما يعزز قدرتنا على تكامل عملياتنا ويسمح بمزيد من التحسين على صعيد خفض التكلفة وخلق مجال لتطوير قدرتنا على تقديم المنتجات والخدمات المصرفية على مستوى كافة فروع البنك المنتشرة جغرافيا في الأسواق الرئيسية بالمنطقة.
وبين أن البنك يقوم باستخدام استثماراته الرقمية وإمكانياته الهائلة التي تم إنشاؤها في الكويت كأحد مسارات النمو المهمة على المديين القصير والمتوسط، لا سيما لتنمية عملياتنا المصرفية للأفراد على مستوى المجموعة. وقال المرزوق «سنواصل تحقيق النمو في المنتجات والخدمات الرقمية على مستوى المجموعة مستفيدين من استثماراتنا في التحول الرقمي لتنمية قاعدة عملائنا وتقديم منتجات وخدمات جديدة وزيادة تغلغلنا في الأسواق».
فتح الحساب في دقائق معدودة
أوضح المرزوق أن كل الخطوات والتفاصيل المتعلقة بإطلاق بنك «وياي» خلال شهر نوفمبر 2021 تمت بالتنسيق مع بنك الكويت المركزي الذي أعلن في نهاية يناير 2022 عن فتح الباب أمام البنوك منفردة أو بالتعاون مع مؤسسات أخرى لتقديم طلبات والحصول على تراخيص لتأسيس بنوك رقمية جديدة.
وأشار إلى أن بنك «وياي» يندرج تحت الرخصة المصرفية لبنك الكويت الوطني ويستفيد من النظام المصرفي الأساسي لضمان الأمان والكفاءة بينما يعمل بشكل مستقل عن البنك ويعتمد على فريق عمل تم اختياره بعناية من الكفاءات والكوادر المهنية المتميزة ويتجه في الوقت الحالي إلى تحقيق الاستقلالية الكاملة لكل عملياته.
وبين أن «وياي» قد أعلن الفترة الماضية عن بدء عملياته من خلال توفير التطبيق الخاص به على متجر آبل Apple Appstore ومتجر غوغل بلاي Google Playstore، حيث يمكن للعملاء فتح حساب مصرفي في دقائق معدودة باستخدام التطبيق.
وقال المرزوق «نشهد إقبالا كبيرا من العملاء على فتح حسابات مصرفية جديدة في بنك وياي وقد تجاوز عدد العملاء بحلول شهر فبراير المستهدف بحلول أغسطس المقبل».
عودة الودائع للنمو خلال 2022
توقع المرزوق عودة الودائع للارتفاع خلال العام الحالي بالتزامن مع تحسن أوضاع المالية العامة نتيجة ارتفاع أسعار النفط واحتمال تمرير قانون الدين العام ما يمثل حلا لعجز الميزانية وأزمة شح السيولة ويسمح بعودة الودائع الحكومية لدى البنوك المحلية لوضعها الطبيعي حيث كانت تمثل 17.5% من إجمالي الودائع بنهاية ديسمبر 2020.
كما توقع أيضا أن يدعم ارتفاع الفائدة المتوقع خلال الفترة القادمة من إقبال الأفراد والقطاع الخاص على الودائع كوعاء استثماري آمن يحقق عائدا أكثر تنافسية مقارنة بالفترة الماضية.