إلى أبي وأمي مع التحية، درب الزلق، أحلام صغيرة، الغرباء، مسلسلات كويتية سابقة رحل الكثير ممن قدموها وبقيت ذكراهم الخالدة في عبق الفن الكويتي، اختلفت في السياق والطابع الفني منها ما كان للكبار ومنها الكوميدي، ومنها العائلي ولكنها اجتمعت في أنها تركت رسالة أدبية وتربوية ومجتمعية في طيات حلقاتها.
وسأبدأ بمقالي اليوم بحدة، وقد يكون المقال قاسيا ولكن هو رأي وقد جاء من واقع الشعور بالمسؤولية، إن البلد الرائد في التعليم والثقافة والرياضة والفن، انتهى به المطاف لأن يتسلق شرذمة بهوية الوطن ويعرض قبح وانحطاط الأفكار الاجتماعية في الجانب الفني على شاشات التلفاز وتحديدا في شهر فضيل، شهر خصه الله في محكم كتابه الكريم، شهر يرتدي وشاح الخشوع والعبادة.
هكذا يصور البعض ممن كانت لهم الكويت وطنا يحتويهم ومجتمعا محافظا يدعمهم مع الأسف حتى ساهموا في نشر فكر وعادات مسمومة، الكويت والشعب الكويتي بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
مسلسل لا يحتوي على رسالة اجتماعية ولا يطرح قضايا إلا من نسج الخيال، مسلسل أبطاله وكادره الفني حملوا على عاتقهم وتعهدوا بأن يعدموا كل ما هو جميل في الفن الكويتي، مسلسل حرص على أن يصور المرأة الكويتية أو الخليجية على أنها المرأة المتحررة غير المتربية والتي ليس في قاموسها الاجتماعي ما يحتوي على الدين أو العادات والتقاليد، مسلسل صور الرجل الكويتي أو الخليجي على أنه الرجل المتحرر من رجولته، الرجل أو عفوا (الذكر) الذي يقبل أن يتكشف الآخرون على مفاتن محارمه، مسلسل عكس صورة المرأة مربية الأجيال التي تسعى وتجتهد لأن تخرج جيلا عكسيا ويكون به الرجل امرأة والمرأة رجلا.
هذه بعض تفاصيل مسلسل عرض مع الأسف على إحدى القنوات الخاصة الخليجية والتي تبنت إنتاجه وكانت الحاوية لهذه الشرذمة من الممثلين، لتعمل على عرض هذا المحتوى المنحط بشكل متعمد في شهر العبادة، فما الرسالة التي تسعى لها وما الهدف من هذا التبني؟
إن هذا النوع من الإساءات لدولة ومجتمع محافظ يغلب عليه الطابع الجميل، الطابع الملتزم بعاداته وتقاليده وتمسكه بدينه، ما هو إلا دليل على عدم وجود رؤية من قبل بعض المسؤولين ومن لهم صلة بهذا المحتوى، وأن المادة هي الهدف الرئيسي من وراء أي إنتاج لافت للنظر فقط حتى يحصل على أعلى مشاهدات وتكون الحجة أنها رغبة الجمهور في مثل هذا النوع من المسلسلات الذي يرسل رسالة واحدة فقط هي (الرذيلة)، وهذا دليل واضح وقطعي على عدم الكفاءة أو الاحترافية في التعامل مع مجتمع وأجيال.
إن ما وصل إليه حال الفن من انحطاط متعمد سينعكس مع السنوات القادمة على الأجيال، والذي بدوره سيكون له الأثر الكبير والسبب الرئيسي في ضياع هذه المجتمعات، والقاعدة الاجتماعية واضحة، الصعوبة في بناء جيل والسهولة في هدم أجيال.
الخطوة التي قامت بها وزارة الإعلام ليست كافية برأيي، أعتقد أنه آن الأوان لأن يتم تقديم بلاغات للجهات المعنية ضد كل من شارك في هذا النوع من المسلسلات والذي عمل على الإساءة للكويت والمجتمع الكويتي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث إن هناك من تحصل على الجنسية الكويتية على سبيل المثال تحت بند الأعمال الجليلة بحسب ما يقال، لذلك وجب سحبها ومحاسبة هذه الشرذمة التي عبثت بالهوية الوطنية أمام المجتمعات الأخرى، كما أنه على معهد الفنون وضع ضوابط لكل من يلتحق بالمعهد بالتوقيع على تعهد بعدم الإساءة للكويت من خلال الأدوار التمثيلية التي يقومون بها.
إلى متى وهذا القطاع يسرح ويمرح بهذه الطريقة ويفتح باب القبول للبعض من هذه الفئة ممن يبحث عن المادة ويترزق من وراء الأدوار التمثيلية المنحطة على حساب الإساءة للوطن بالمقام الأول وللمجتمع بالمقام الثاني؟ وإن كان هذا الأمر غير منطقي للبعض أو قد ينظر بطريقة السخرية فليتقدم أي مسؤول بمقترح للحد من هذه الظواهر ووضع ضوابط لمن يحمل اسم الكويت سواء على المستويات الفنية أو الثقافية أو الرياضية، ولا يحاول البعض أن يقنعني بأن المسلسل من إنتاج شركة غير كويتية وأنه تم إنتاجه خارج الكويت وعن طريق قنوات غير كويتية، نعم نتفق على كل ذلك ولكن ما الخطوة الجدية للحد من هذا السلوك أو لوقف هذا النوع من الالتفاف على القوانين المحلية، أما كان الأجدر أن يصدر خطاب شديد اللهجة للقناة بطلب وقف عرض هذا العمل أو إلغاء تردد القناة في الكويت، كان الأجدر استدعاء الممثلين والكاتبة ومحاسبتهم تحت أي بند من بنود القانون، والأولى من ذلك فرض الرقابة كذلك على القنوات التي تبث عبر أثير الكويت، فالرقابة ليست مقتصرة على ما يعرض على القنوات الكويتية فقط، بل كذلك على ما تبثه القنوات الأخرى في الكويت.