في شهر رمضان يحرص المرء منا على التقرب من الله عز وجل بخالص الأعمال الصالحات التي تجعل صيام المرء منا مقبولا محمودا عند الله، فنجد أن الإكثار من قراءة القرآن وصلاة القيام من تراويح وقيام والاعتكاف في المساجد وصلة الأرحام والأذكار والصدقات كلها الغاية منها واحدة ألا وهي عتق رقابنا من النار وتقبل صيامنا.
فلا يصح للمرء أن يهل عليه رمضان دون أن يسأل الله العفو والعافية والصيام المقبول ومن مظاهر حسن الصيام هو الكف عن لوك الألسن فما فائدة صوم رمضان وغيبة فلان وفلانة وإقامة موائد للغيبة عوضا عن ذكر الله والطاعات وذكر سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة الصحابة والسلف الصالح.
فهل الصيام بنظر البعض أن يصوم عن الطعام والشراب ويبقى على الأخطاء والعيوب ذاتها من غيبة ونميمة وإيذاء الآخرين حتى عدم إلقاء السلام على المحسود ظلما وظن سوء وحسدا.
فهناك أمراض كثيرة اجتماعية متفشية في كثير من المجتمعات أهمها الغيبة والتي يكون دافعها الرئيسي الحسد من الذي يتم اغتيابه في غيبته، فنجد أن هناك أناسا لا تعرف أن تعيش دون أن تغتاب فلانا وفلانة والخوض في أعراض الناس ونواياهم وظن السوء بهم، وهذا بالتأكيد له دافع واحد إلا وهو الحسد والعياذ بالله.
فقد ذكر الله في كتابه الكريم (ومن شر حاسد إذا حسد)، وهذا الحاسد والعياذ بالله يبدأ بالغيبة ثم يستفحل الأمر به إلى حد البدء في إيذاء من يحسده فتبدأ بالغيبة ثم تنتهي بالإيذاء، وهذا بالتأكيد كله من نقص الإيمان.
فلا يوجد مؤمن حق يحسد الآخر على ما وهبه الله من خير ومن مزايا كرمه الله بها عن بقية خلقه، فأنت لا تعلم ما الذي ابتلاه الله به أمام كل هذه النعم التي أنعمها الله عليه، فالناس دائما تنظر بظاهر الأمور ولا تعلم سرائر الآخرين، وحتى إن لم يكن يمر هذا المحسود ببلايا كبيرة فلعلها من نعم الله عليه.
فهناك أناس تحصن نفسها بالقرآن والذكر والصدقات والأعمال الصالحات أي أنها تتبع سنن الرسول صلى الله عليه وسلم فتحصن نفسها من الفتن والبلايا، وهناك الكثير من الأذكار والأدعية التي تقي المرء من الابتلاءات وتكسب المرء حب ربه ومن يكون الله معه فمن عليه.
لذا فإثم الغيبة والحسد في رمضان مضاعف عن بقية الشهور وبالأخص أن هذه الأمراض النفسية من الممكن التداوي والتشافي منها، وبالأخص أننا في شهر كريم فمن يدرب لسانه على عدم اللوك في سير الناس وأعراضهم ومزاياهم وعيوبهم ويسأل الله أن يخلصه من هذه الخطايا، فالله سيستجيب، قال الله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، فالله سبحانه وتعالى لا ينعم على العبد بالسلوك الطيب والمحمود والخير وهو يحسد الآخرين ويغتابهم.
وبالأخص أن إثم الغيبة كبير عند الله تعالى، فقد صور سبحانه المغتاب كأنه يأكل لحم أخيه كما ذكر سبحانه وتعالى في سورة الحجرات «أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه».
لذا فالإيمان الصحيح لا يستقيم مع مثل هذه السلوكيات الخاطئة والذنوب العظيمة، وبالأخص أن الله سبحانه ينتقم وحين يحل غضبه على مثل هؤلاء المغتابين يتساءلون عن السبب في السخط الذي وقع عليهم وهم يصلون ويصومون، ولكن الإسلام ليس فقط صلاة وصيام، بل أخلاق ومعاملات والكثير من المحرمات التي لابد أن ينتهي المرء عنها لينال رضا الله.