أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني السيادي للكويت عند المرتبة (+A) مع بقاء النظرة المستقبلية سلبية، إذ توقعت الوكالة في تقريرها الذي صدر مساء الخميس الماضي أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى تعزيز أوضاع المالية العامة وميزان المدفوعات في الكويت خلال السنوات 2022-2023، إلا أنه بخلاف هذا الدعم قصير الأجل، لا تزال الاستراتيجية متوسطة الأجل لتمويل عجز الموازنة غير مؤكدة.
وأشارت إلى أن «الاحتياطي العام» تقلص لعدم تمرير «الدَّين العام» حتى الآن، ولم يحرز تقدما في ترتيبات التمويل الأخرى، مثل الإذن للحكومة بالسحب المباشر من «احتياطي الأجيال»، وذكرت أن التوترات بين الحكومة ومجلس الأمة تصاعدت مرة أخرى، ما يقلل من احتمالية تنفيذ هذه الإصلاحات في المستقبل القريب.
وتوقعت أن يصل إجمالي الدين الحكومي إلى نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية 2022، ومن المقدر أن يبلغ إجمالي الأصول المالية لصندوق الثروة السيادي (باستثناء الاحتياطي العام) نحو 400% من الناتج المحلي الإجمالي، وعلى الرغم من المواجهة المطولة بين السلطتين، ما زالت الوكالة تفترض أن الحكومة ستتغلب على القيود المؤسساتية وستتمكن من الوصول مباشرة إلى «الأجيال القادمة»، حتى مستوى محدد، إذا لم تكن الخيارات التمويلية الأخرى متاحة.
وذكرت الوكالة أن النظرة السلبية للتصنيف ترتكز في المقام الأول على المخاطر لـ12 الى 24 شهرا المقبلة، والمتعلقة بقدرة الحكومة على التغلب على العوائق المؤسساتية التي تمنعها من تنفيذ استراتيجية لتمويل العجز في المستقبل، وهناك إمكانية لتخفيض التصنيف الائتماني السيادي للكويت إذا لم يتم الاتفاق على ترتيبات تمويلية شاملة ومستدامة، ويمكن أن يحدث هذا، على سبيل المثال، نتيجة المواجهة المستمرة بين الحكومة ومجلس الأمة ما يجعل الحكومة غير قادرة على تنفيذ الإصلاحات المالية، أو تمرير قانون الدين العام، أو الموافقة على مصادر أخرى لتمويل عجز الموازنة العامة إذا لزم الأمر.
وقالت الوكالة «يمكن تخفيض التصنيف إذا توصلنا إلى أن الحكومة ليست لديها القدرة على السحب من صندوق الأجيال القادمة لتمويل الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة وسداد الدين العام، وذلك على عكس الافتراضات الحالية لنا».
وأشارت إلى إمكانية تغيير النظرة المستقبلية للتصنيف الائتماني السيادي من سلبية إلى مستقرة إذا نجحت الحكومة في معالجة القيود الحالية لتمويل الموازنة العامة، وذلك من خلال الاعتماد على قانون الدين العام، والإذن للحكومة بالسحب من صندوق احتياطي الأجيال القادمة عند الحاجة، وبرنامج ضبط أوضاع المالية العامة.
تتوقع الوكالة أن يبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 88 و70 دولارا للبرميل في الأعوام 2022 و2023 على الترتيب، وبالتوازي مع ذلك تعمل مجموعة «أوپيك+» على زيادة الإنتاج، تماشيا مع الاتفاقات التي تم التوصل إليها في منتصف عام 2021.
وتشير التوقعات إلى أن إنتاج الكويت النفطي سيرتفع إلى نحو 2.73 مليون برميل يوميا هذا العام مقارنة بنحو 2.40 مليون برميل يوميا في عام 2021، وسيستمر الإنتاج في الارتفاع تدريجيا بعد ذلك ليصل إلى نحو 3.3 ملايين برميل يوميا في عام 2025، علما أن الكويت تستهدف الوصل إلى حجم إنتاج أعلى قليلا إلى نحو 3.5 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2025.
ومن المتوقع أن تحقق الكويت فائضا في الموازنة العامة بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 (بعد عجز بلغ متوسطه 15% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا على مدى السنوات الخمس الماضية)، وبرغم ذلك فإنه من المتوقع عودة الموازنة إلى تسجيل عجز بما نسبته 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 مع اعتدال أسعار النفط. ونلاحظ أيضا ظهور تقارير عن المتأخرات للهيئات العامة والموردين في وقت سابق من هذا العام، ما يشير إلى استمرار نقص السيولة في صندوق الاحتياطي العام، وتتوقع الوكالة أن يتسع متوسط عجز الموازنة العامة السنوي إلى ما نسبته 10% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات 2024-2025.
أشارت الوكالة إلى أنه من الصعب خفض المصروفات الحكومية لأسباب سياسية، وأخذا بالاعتبار نسبة الرواتب المرتفعة في الموازنة البالغة 60% من إجمالي الإنفاق العام، وعلى الرغم من أن الموازنة العامة المقترحة للحكومة للسنة المالية 22/2023 تحتوي على تخفيض إجمالي النفقات الحكومية بنسبة 5% لتصل إلى نحو 21.9 مليار دينار، إلا أن الإنفاق على المرتبات لا يزال ينمو.
وسيكون الجزء الأكبر من التخفيض على حساب المصروفات الرأسمالية، علاوة على ذلك أسفرت الجهود الحكومية المبذولة لتقليص العجز غير النفطي في جانب الإيرادات العامة عن نتائج محدودة لغاية الآن، وعلى عكس معظم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الأخرى، لم تطبق الكويت بعد ضريبة القيمة المضافة.
460 % نسبة الأصول المالية إلى الناتج.. الأعلى عالمياً
أشارت الوكالة إلى تراجع الضغوط التمويلية على المدى القصير، ومن المتوقع أن يصل إجمالي الأصول المالية متضمنة الصناديق السيادية ما نسبته 460% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2021، وهي أعلى نسبة بين جميع الدول السيادية المصنفة من قبل الوكالة. وذكرت أنه بشكل إيجابي، بعد سداد الحكومة للشريحة الأولى من السندات الدولية المستحقة في مارس 2022 والبالغ قيمتها 3.5 مليارات دولار سيبلغ إجمالي الدين العام ما نسبته 4% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2022، في حين ستشكل مصروفات الفائدة أقل من 0.5% من إجمالي المصروفات العامة للموازنة العامة للدولة.