كي لا تصبح أسير ماضيك، اسعَ لتصحيح مساره وتعديله، وذلك من خلال تغيير حاضرك، محاولاً التمهيد لمستقبلك القريب الذي تتطلع إليه، فالإنسان الواعي هو وحده من يستخرج من الحاضر خير ما فيه، وينتزع من الماضي أجمل ما انطوى عليه، لكي يعمل من أجل ذلك المستقبل الذي يريده حقا ويتمناه ويرتجيه.
والحق هو أن الإنسان لا يحيا إلا من أجل المستقبل، أي من أجل ما لم يوجد بعد، أو ما لابد له من أن يوجد، أو ما يريده هو على أن يوجد! فحين يقول بعض الفلاسفة إن الإنسان في جوهره مستقبل، فإنهم يعنون ذلك بالفعل، أي أنه يتحرك دائما صوب الأمام، محققاً ما لديه من إمكانات ومؤهلات وقدرات، آخذا على عاتقه باستمرار أن يوسع من دائرة وجود المستقبل، كي تصبح تلك الدائرة شيئا أساسيا في حياته يحرص عليها، وجزءاً لا يتجزأ بالنسبة له، يقال: «إن ما نسميه بالمستقبل هو مجرد امتداد للحاضر والماضي».
لذلك تعتبر ذات الإنسان بمنزلة تركة أو حصيلة له، كما يعتبر الوجود الشخصي الراهن بمنزلة ثمرة لخبرات الماضي وتجاربه، وأخطائه، وعثراته، وشتى أحداثه.
ولعل هذا ما عبر عنه الفيلسوف الألماني الكبير هيجل حين كتب يقول: «إن الكون هو ما قد كان»، ويعني بذلك أن ما هو متحقق الآن في الحاضر، ما هو إلا نتيجة لمجموعة كبيرة من العوامل التي وجدت في الماضي، ولا شك طبعا أن الزمان الحي ديمومة متصلة، واستمرار دائب، وحركة غير منقطعة، فلا يمكن تصور الكائن الحي إلا على أنه ثمرة لما اختلف عليه من أحداث ومواقف وأمور، وما مر به من تجارب، وما اجتازه من مراحل صعبة وصادمة، مراحل ساعدت في إصراره على استمرارية تطوره وانصباب تركيزه بشكل أكبر على نفسه.
وتذكر دائما وأبدا أنك إنسان رائع ومميز، وثق بنفسك حق الثقة واحترم ذاتك وكيانك، احترمها بالطريقة التي نحكم نحن من خلالها على أنفسنا، هذا وإن كان هناك ميل لدى بعض الناس بالنظر إلى المعادلة من الخلف، فنعتقد نحن أن مظهرنا الخارجي هو فقط من يعزز من مستوانا العالي من احترامنا لذواتنا، ولكن العكس صحيح، ففي حقيقة الأمر هو أن احترامنا لذواتنا يكمن في قدرتنا على رؤية أنفسنا من منظار قيمتها.