(وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر: 9، ونزلت هذه الآية في الاشادة بفضل الانصار الذين استقبلوا اخوانهم المهاجرين في المدينة وآووهم ونصروهم، حتى ان الانصاري كان يقتسم مع المهاجر ماله وداره، فضربوا بذلك اروع الامثلة في المحبة والايثار، ولقد اتت على المسلمين ايام في المدينة فيها من ضيق العيش، ما كان يجعل الواحد منهم يحصل قوت يومه بالكاد أو لا يحصله، حتى انهم كانوا يربطون على بطونهم الاحجار ليقيموا صلبهم من شدة الجوع، ولقد شكا احد الصحابة يوما الى الرسول الله صلى الله عليه وسلم شدة ما يعانون من ألم الفقر والجوع، ورفع ثوبه ليرى النبي صلى الله عليه وسلم الحجر الذي ربطه على بطنه، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم ثوبه فإذا هو قد ربط حجرين على بطنه وجسده الشريف.
يقول السعدي ـ رحمه الله: إن هؤلاء الذين من جملة أوصافهم الجميلة انهم (يحبون من هاجر إليهم) وهذا لمحبتهم لله ولرسوله أحبوا أحبابه، وأحبوا من نصر دينه).