(وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ـ إبراهيم: 34)، وهذه النعم تتفاوت بحسب الأثر المترتب والثمرة المجتناة من هذه النعمة بحسبها، فكلما كان الأثر والنفع الحاصل من هذه النعمة أكثر كانت النعمة أفضل، إن أعظم نعمة على الإطلاق تلك النعمة التي يجب عليك أن نستحضرها وتعرف قدرها وفضلها ألا وهي نعمة «الاستقامة والهداية».
نعمة الهداية والاستقامة لا تساويها نعمة مهما عظمت في عين صاحبها ولهذا حسد عليها المؤمنون من قبل الحاسدين والكافرين، قال تعالى: (ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم ـ البقرة: 109).
فهم لا يفرحون لهداية أحد ولا باستقامته ولا بتدينه، فإذا رأوا من وفّق لسلوك هذا الطريق أخذوا يغوونه ويزينون له الباطل ويزخرفونه له يعرفونه بشتى المغريات وصنوف الشهوات.
وهذا تنبيه مهم لكل مسلم بأنه يجب أن يعلم المؤمن أنه متى ما وضع قدما في طريق الهداية والاستقامة فإنه لابد من أن يناله عدد من صنوف الابتلاءات، كالوسوسة وفتن الشهوات والتعرض للسخرية والاستهزاء والتخذيل الذي يجده حتى من أقرب الناس إليه، ناهيك عن الإعلام السيئ الذي درج على التشويه والتزوير، إضافة إلى تقلب القلب وتأثره بما يرى ويسمع ويقرأ وفوق هذا كله العدو الأكبر الذي هو الشيطان الرجيم، فإذا صبر الإنسان وجاهد كل هؤلاء الأعداء وانتصر عليهم فليبشر بالتمكين في الدنيا، والرفعة في الدرجات في الآخرة، قال تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ـ النازعات: 40 و41).