مفرح الشمري
مسلسلات كثيرة تناولت قضية «الثأر»، عائلة تثأر من عائلة أخرى، قبيلة تثأر من قبيلة أخرى، لكن في مسلسل «حضرة الموقف» الثأر مختلف شكلا ومضمونا، حيث لا تستخدم فيه أي أسلحة بل الغيرة النسائية والحسد من قبل بعض «الأقارب» انطلاقا من المثل الشعبي الذي يقول «الأقارب عقارب».
يندرج نص المسلسل الذي كتبه عبدالله الرومي تحت نصوص الدراما الاجتماعية العصرية وتحديدا عن نساء المجتمعات الراقية، فوتيرة الأحداث تتنقل بين «البيوت الكشخة» والشركات وصراعاتها مع تركيز على «الشو» والمظاهر الباذخة.
تدور الأحداث حول نورة «زهرة الخرجي» القوية وصاحبة النفوذ التي ورثت من زوجها المتوفى شركة كبيرة للألماس يديرها ابنها ناصر «محمد الدوسري» المغرور والقريب من أمه، والذي يحمل في قلبه كرها كبيرا ليوسف «عبدالله التركماني» لأنه يشعر بأن الأخير متمرس في تجارة الألماس، وعلى الرغم من طيبة يوسف الا انه لا يسلم من حقد ناصر الذي يسلب تصميمه وينسبه لنفسه، وأيضا لم يسلم من ظلم أمه بعد إجباره على طلاق زوجته الأولى سارة «ليالي دهراب» وهو لا يدري انها حامل، ليتزوجها لاحقا صديقه هيثم «عبدالعزيز الحداد» بعد ان اشترطت عليه ان يسجل الجنين الذي في بطنها باسمه بعد ولادته، لتلد بعد ذلك أوليفيا التي تجسد دورها أيضا ليالي دهراب (تلعب دور الأم والابنة) ببراعة.
وبعد توالي الأحداث تموت والدة أوليفيا ليشتري هيثم بيت صديقه يوسف الذي يتعرض لأزمة مالية، وينتقل هيثم مع ابنته أوليفيا الى بيتهم الجديد، حيث يعترف ليوسف بحقيقة أوليفيا وبأنه والدها الحقيقي ويموت بعدها ليعيش يوسف في حيرة من أمره من تصرف صديقه المقرب معه ومن استمرار محاولات ناصر لكسره في السوق.
من زاوية أخرى نجد «نورة» التي تريد ان تثأر من جارتها فاطمة «هيفاء عادل» وهي زوجة يوسف وابنة حصة «مريم الصالح»، فتحاول بكل قوتها محاربتها لأنها منافستها الوحيدة في الجمعية النسائية، وتعمل على تشويه سمعتها والتشهير بها والادعاء أن زوجها يوسف قد طرد ابنهما عبدالله «منصور البلوشي» لأنه تزوج من دون علم أهله، ولا تستطيع رؤيته وإلا واجهت الطلاق.
لكن فاطمة تواجه نورة بقوة وتقلب عليها الطاولة في انتخابات الجمعية النسائية.
وبعدها تتوالى الأحداث وتتعرض أوليفيا لحادث دهس ولم تبلغ عن الفاعل «ناصر» لأنه «منها وفيها»، كما تستمر شيخة «هبه الدري (ابنة فاطمة ويوسف)» بحب زوجها «عزيز» نواف العلي والتستر عليه، على الرغم من خياناته المتعددة لها، وأيضا نلاحظ حرص ليلى «عبير أحمد» (شقيقة فاطمة) على زوجها العقيم «وليد» عبدالعزيز مندني ووقوفها معه في أشد الأوقات.
العمل من إنتاج «ابيز برودكشنز» التي وفرت ميزانية ضخمة ظاهرة في المشاهد والاعتناء بالتفاصيل.
إخراجيا، تعامل المخرج خالد جمال بذكاء مع خطوط المسلسل المتشعبة خصوصا في أحداثه الأولى التي كانت موزعة على البيت والمستشفى والشركة، معطيا المشاهد فرصة ليفهم بسلاسة طبيعة كل شخصية في نص سردي ومليء بالأحداث. كما برع في تصوير مشاهد أوليفيا في المزرعة مقدما صورة في غاية الروعة.
الأداء التمثيلي في المسلسل بمنزلة مباراة بين أبطاله الرئيسيين.
وقد نجحت ليالي دهراب في توصيل معاناتها كأم وبنت، وهي «ملح» المسلسل، بالإضافة الى نواف العلي الذي نجح في توصيل شخصية المدمن والخائن لزوجته هبه الدري.. بينما جاء أداء محمد الدوسري جامدا في تأدية شخصيته التي شاهدناها بأكثر من عمل اجتماعي شارك فيه على الرغم من تواجده في مشاهد كانت كفيلة بظهوره في شكل مختلف لكن لم يستغلها للأسف، حتى في مشاهد إبداء إعجابه بـ «أوليفيا» التي جاءت خجولة.
أخيرا، مسلسل «حضرة الموقف» كان يحتاج لتوسعة دائرة احداثه حتى لا تكون منحصرة في عدد قليل نسبيا من الأشخاص حتى تغطي 30 حلقة يحتاجها العمل ليمضي دون تطويل وملل، لكنه من الأعمال التي حظيت بمتابعة واهتمام المشاهدين بسبب واقعية القصة والصراع بين أبطاله.
أقرأ أيضاً:-