مع برنامج عمل الحكومة الجديد من الطبيعي أن تكون الصحة والتعليم على قمة اهتمامات الحكومة فهما جناحا التنمية الشاملة حيث إن الاهتمام بالتعليم لا يكون فقط بإنشاء المدارس الجديدة أو تجديد الأثاث المدرسي بل يجب أن يمتد إلى مراجعة المناهج الدراسية في جميع مراحل التعليم والتأكد من محتواها سواء من حيث الكم أو الكيف ومن جانب المتخصصين والتربويين وتنقية المناهج أولا بأول من كل كلمة أو جملة أو نص قد لا يتفق مع العصر أو مع قيم ومبادئ المجتمع بل مع الجديد في العلم والمعرفة.
وهذه مهمة ليست بسيطة أو سطحية بل تحتاج إلى جهد جماعي مخلص، ومن خبراتي السابقة فقد قمت بمهمة مراجعة المحتوى الدراسي والمناهج التي وضعت منذ اكتشاف فيروس الإيدز وكان الهدف من المناهج هو التوعية بأسلوب يناسب الطلبة ولكن بعد المراجعة وتحليل محتوى المناهج مع المتخصصين ومع المستجدات العالمية فقد تبين أن هناك حاجة لتغييرات جذرية بها وكانت أبرز التوصيات التي تم رفعها لليونسكو في حينه لأنها هي المنظمة التي تضع مراجعة وتحديث المناهج الدراسية على قمة أولوياتها واهتماماتها لمواكبة المستجدات العلمية العالمية.
وإن المراجعة المستمرة للمناهج التعليمية ليست عملية جامدة ولكنها نشاط حيوي مستمر من أجل تعليم أفضل وتحقيق معدلات متميزة من خلال المنظومة التعليمية. إن المناهج الدراسية هي مجموع الخبرات التربوية والثقافية والاجتماعية والرياضية والدينية والفنية التي تهيئها أي مؤسسة تربوية للطلبة بهدف تحقيق النمو الشامل وتعديل السلوكيات والمعرفة الشاملة بالإضافة إلى الأنشطة التي تكسب الطلبة الخبرات التربوية وتحقق الأهداف التي نطمح إلى تحقيقها. لذلك فإن المناهج التعليمية هي من أقوى الأدوات في تحقيق آمال الشعوب وتطلعاتهم ولا توجد أمة تسعى للتقدم والتطور في جميع المجالات إلا من بعد الاهتمام بمراجعة وتطوير مناهجها التعليمية. ولا شك أن مردود مراجعة المناهج التعليمية سيعود بالفائدة على جميع الشركاء في المنظومة التعليمية.