سلط بنك الكويت الوطني الضوء على أحدث تقرير لآفاق الاقتصاد العالمي والصادر عن صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي والذي كشف عن توقعات بتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بشكل ملحوظ هذا العام بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، حيث من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي من 6.1% في عام 2021 إلى 3.6% في عامي 2022 و2023، ويمثل ذلك تراجعا قدره 0.8 و0.2 نقطة مئوية مقارنة بتوقعات يناير الماضي. وأشار صندوق النقد الدولي إلى زيادة أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب إلى جانب تزايد ضغوط الأسعار ما أدى إلى رفع توقعاته للتضخم لعام 2022 إلى 5.7% للاقتصادات المتقدمة و8.7% للاقتصادات الناشئة والنامية بزيادة قدرها 1.8 و2.8 نقطة مئوية عن التوقعات الصادرة في يناير.
وساهمت الحرب في تزايد اضطرابات سلاسل التوريد وارتفاع معدلات التضخم، وهي مشاكل كانت العديد من الدول تعاني منها بالفعل بسبب الجائحة، وقد زادت ضغوط الأسعار من تلك التوقعات خلال الأشهر المقبلة، ما قد يؤدي إلى لجوء صناع السياسات إلى تشديد السياسات النقدية، وقال صندوق النقد الدولي إن التوقعات لا تزال غير مؤكدة، مع إمكانية تصاعد حدة الحرب وتشديد العقوبات ومن المحتمل ظهور متغيرات جديدة لفيروس «كوفيد-19» ما قد يعيق التعافي الاقتصادي، وقالت كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: للمرة الأولى منذ سنوات عديدة، أصبح التضخم خطرا واضحا وقائما للعديد من البلدان حول العالم، وأضافت قائلة: هذه نكسة هائلة لانتعاش الاقتصاد العالمي.
مكافحة التضخم
أكد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خلال الأسبوع الماضي عزم البنك المركزي على مكافحة التضخم، مشيرا إلى إمكانية رفع أسعار الفائدة بمعدلات كبيرة في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي القادم المقرر انعقاده في الرابع من مايو. وفي سياق حديثه أمام لجنة نظمها صندوق النقد الدولي، أكد باول توقعات الأسواق بقوله: أود أن أقول إن رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس سيكون مطروحا على طاولة اجتماع مايو، وأضاف: من الضروري للغاية استعادة استقرار الأسعار، أما على صعيد الميزانية العمومية للبنك المركزي، فمن المتوقع أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي قريبا في تقليص حيازته من السندات، مع القيام بالإعلان عن خطوته القادمة في اجتماعه المقرر انعقاده في 3 ـ 4 مايو. وفي ظل اقتراب الميزانية العمومية من 9 تريليونات دولار تتكون بصفة رئيسية من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، أشار اجتماع مارس إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيقوم بتقليص حيازته من سندات الخزانة مستحقة السداد بنحو 95 مليار دولار شهريا. وفي اجتماعه الأخير في مارس، رفع الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، إلا أنه في ظل ارتفاع التضخم الاستهلاكي إلى أعلى مستوياته المسجلة في 40 عاما بوصوله إلى 8.5% على أساس سنوي تتزايد المخاوف بلا شك. وستكون الزيادة المرتقبة في مايو هي المرة الأولى منذ عام 2006 التي يقوم فيها البنك المركزي برفع سعر الفائدة في اجتماعات متتالية، وستكون أول زيادة بمقدار نصف نقطة منذ عام 2000، كما أعرب باول عن ضرورة توخي الحذر في المستقبل، مضيفا: لا أعتقد أنك ستسمع أي شخص في الاحتياطي الفيدرالي يقول إن ذلك سيكون مباشرا أو سهلا، سيكون صعبا للغاية، وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق ذلك.
التضخم في ألمانيا إلى أعلى مستوياته
وتباطأت بشدة وتيرة نمو قطاع التصنيع الألماني في أبريل، بينما تسارعت وتيرة نمو قطاع الخدمات، وفقا لأحدث مسح صدر يوم الجمعة. إذ انخفض مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي إلى 54.1 في أبريل مقابل 56.9 في مارس الماضي، مسجلا أدنى مستوياته في 20 شهرا، حيث انخفضت الطلبات الجديدة للمرة الأولى منذ نحو عامين، وتأثر المؤشر سلبا على خلفية تزايد حالة عدم يقين لدى العملاء فيما يتعلق بالتوقعات والعقوبات الاقتصادية واختناقات سلسلة التوريد الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.
من جهة أخرى، سجل مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات أعلى مستوياته في ثمانية أشهر، مرتفعا إلى 57.9 هذا الشهر مقابل 56.1 في مارس. وساهم في تعزيز أداء القطاع تخفيف قيود «كوفيد-19» وكانت قراءته أفضل بكثير من توقع وصول قراءة المؤشر إلى 55.5 نقطة، كما انخفض مؤشر مديري المشتريات المركب، الذي يشمل قطاعي التصنيع والخدمات اللذين يمثلان معا أكثر من ثلثي أكبر اقتصاد في أوروبا، إلى 54.5 نقطة على الرغم من أنه كان أفضل قليلا من توقعات المحللين التي أشارت إلى وصوله إلى 54.1. وارتفع معدل التضخم الألماني إلى 7.6% على أساس سنوي في مارس، فيما يعد أعلى مستوياته منذ أكثر من 40 عاما.
أعلى معدل تضخم منذ عام 1991
ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين السنوي في كندا بوتيرة أسرع من المتوقع في مارس، إذ وصل إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ 31 عاما عند مستوى 6.7% على أساس سنوي، فيما يعد أعلى بكثير من التوقعات ونقطة مئوية كاملة أعلى من المستويات المسجلة في فبراير، متخطيا بذلك النطاق المستهدف للبنك المركزي للشهر الثاني عشر على التوالي بنسبة 1 ـ 3% وأقل بقليل من 6.9% الذي سجله في يناير 1991. وتقوم هيئة الإحصاء الكندية بتجميع أسعار السلع والخدمات ضمن ثماني مجموعات، والتي ارتفعت بلا استثناء مقارنة بمستويات شهر مارس 2021، ويعتبر البنزين المحرك الرئيسي، حيث يمثل نحو 40% من تلك الزيادة بعد ارتفاعه بنسبة 11.8% في مارس و39.8% خلال العام، كما كانت أسعار المواد الغذائية من أكبر العوامل التي ساهمت في تلك الزيادة، إذ قفزت بنسبة 8.7% على أساس سنوي.
الناتج المحلي الصيني يتخطى التوقعات
على الرغم من التداعيات الناجمة عن تدابير الإغلاق لاحتواء جائحة «كوفيد-19» في أجزاء من البلاد في مارس، نما الناتج المحلي الإجمالي الصيني في الربع الأول من العام بوتيرة أسرع من المتوقع مسجلا نموا بنسبة 4.8% على أساس سنوي ومتجاوزا التوقعات التي أشارت إلى زيادة بنسبة 4.4%، وارتفعت الاستثمارات في الأصول الثابتة بنسبة 9.3% على أساس سنوي، فيما يعد أعلى بكثير من التوقعات التي أشارت إلى نمو بنسبة 8.5%، وارتفع الاستثمار في قطاع التصنيع بنسبة 15.6% على أساس سنوي، وشهدت استثمارات البنية التحتية زيادة بنسبة 8.5%، كما ارتفع الإنتاج الصناعي في مارس بنسبة 5%، متجاوزا توقعات النمو بنسبة 4.5%.
وجاءت مبيعات التجزئة مخيبة للآمال بعد انخفاضها بنسبة 3.5% عن العام السابق مقابل التوقعات بتسجيل انخفاض بنسبة 1.6%. ومنذ مارس واصلت البلاد جهودها لاحتواء أسوأ موجة تفشي لڤيروس «كوفيد-19» منذ بداية ظهور الجائحة في عام 2020، عندما أدت عمليات الإغلاق إلى تسجيل انكماش بنسبة 6.8% في الربع الأول من عام 2020. كما تواصل البطالة ارتفاعها، ووصلت إلى 6% في مارس مقابل 5.4% في فبراير، وهي أعلى نسبة يتم تسجيلها وأكدت أنها أكثر خطورة مما كانت عليه عند بداية ظهور الجائحة في عام 2020. وأصدر المكتب الوطني للإحصاء بيان أوضح فيه انه «يجب أن ندرك أنه مع تزايد تعقيد البيئة المحلية والدولية وحالة عدم اليقين، تواجه التنمية الاقتصادية صعوبات وتحديات كبيرة».