«إنكم تدركون أن للإصلاح خطوات ومسارات وأنه لا يحدث بين ليلة وضحاها وسيظل في حاجة إلى جهد جهيد وصبر جميل وتكاتف وتلاحم من شعب وفيّ أصيل، فالكويت بكم وبجهودكم ستظل واحة أمن وأمان ومنبع خير وسلام».
كانت الفقرة السابقة جزءا من كلمة صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله، بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، والتي ألقاها نيابة عن سموه، سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله.
وضعت تلك الفقرة في صدر المقال لأن تلك الكلمات الثمينة تؤكد على الرغبة الصادقة للقيادة السياسية في الإصلاح وتعديل الاعوجاج الذي تعاني منه مؤسسات الدولة على مدى سنوات طويلة.
وجاء ذلك التأكيد من خلال كلماته التي تشخص الواقع الحقيقي بأن الإصلاح لن يحدث بين ليلة وضحاها.
فعلا.. فالقارئ في التاريخ يدرك أن طريق الإصلاح والتغيير طويل ويحتاج إلى صبر ومصابرة، جد واجتهاد، رغبة وعمل، وهذا لن يحدث بين ليلة وضحاها.
والمتابع للوضع السياسي الكويتي وما فيه من تجاذبات على مدى سنوات لم يستقر بها البلد، مما ساهم في التأثير في تقدمنا بل ساهم في التراجع الكبير في جميع الميادين، وزرع الإحباط في النفوس.
إن طريق الإصلاح وعر، ويحتاج إلى قيادة واعية مدركة لأهميته، والى رجال دولة يعينون القيادة السياسية مؤتمنين على هذا البلد، بعيدين كل البعد عن الدولة العميقة في الحقبة السابقة، يقاتلون في محاربة الفساد وتحقيق الإصلاح.
لدي قناعة في أن العمل بنفس أدوات النظام التي تسببت بما نحن به من وجود وركود لن يسفر على شيء، ولابد أن تتبدل الوجوه التي اقتاتت واستفادت هذا الحال.
أعيد، وأكرر، الدولة العميقة، هي تلك التي سرقت الكويت الجميلة لتتحول من عروس الخليج إلى أرملته!
الدولة العميقة الممثلة في مجموعة الأشخاص وشبكة النافذين الذين لا يسعون إلا لمصالحهم مستخدمين مناصبهم وقواهم في نهب البلد بعيدا عن المصلحة العامة.
تلك الدولة هي التي يجب أن تحارب لكي ينصلح حال البلد، هذا هو الذي لن يحدث بين ليلة وضحاها ويحتاج إلى وقت ورؤية وإرادة.
التغيير يحتاج إلى تغيير النظام الإداري والخروج من عباءة البيروقراطية، وتغيير الوجوه بوجوه جديدة لديها ذمة وضمير وجرأة على إحداث التغيير والمواجهة.
والإصلاح بحاجة إلى قيادات شابة لديها طاقة للعمل وطموحة تقود المشهد القادم وترغب في إحداث فارق وبصمة حتى نخرج من حالة اللاحركة التي نعاني منها منذ سنوات، وهذا لن يحدث بين ليلة وضحاها.
الجميع يرى ويسمع ويشعر ويعلم فيما يقوم به سمو ولي العهد منذ تزكية سموه وليا للعهد، من جهود حقيقية في مسار الإصلاح، وذلك للنهوض بهذا الوطن وإنقاذه وبناء مستقبله، وهذا لن يحدث بين ليلة وضحاها.
أحلامنا وآمالنا وتطلعاتنا هي مشاريع عمل تحتاج إلى وقت ولن تتحقق بين ليلة وضحاها.
وختاما، وحتى ننهض ونعالج الخلل علينا أن نشخص الواقع بالشكل السليم، وان نضع الحلول المناسبة لتلك المشاكل، ثم نشرع ونسرع في التنفيذ حتى نلحق بالركب.
[email protected]
Al_Derbass@