من روائع العمر أن تعيش لحظات تلك الليل معلقا رجاءك بالله، تاليا كتابه وقد طابت النفس وأحبت واشتاقت الى الأنوار الربانية، تلاوة وقياما وتهجدا، وثناء وتمجيدا لرب الأرض والسموات، وقد تربت الأنفس على الخشوع من صحبتها لكتاب الله ومن الألطاف الربانية التي توالت عليه ليل رمضانه ونهاره، وتسبيح وتهليل بذكر الليل يرافقها في الحركة والسكوت، فأنى لها ألا تدرك معنى الآية العظيمة وهي ترن بداخلها (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، تدمع العين وهي تستعرض أنه ما نزل إلا لسعادة البشرية دنيا وآخرة موجها وناصحا، فيه العبر والقصص والوعد والوعيد والبشرى والنذير.
آن للأمنيات ان تتزاحم وتتسابق كل منها يقول أنا أنا، ويجمعها المؤمن بقصده الغاية الكبرى في كلمات وجيزات، علمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يرددها إذا شرفه الله بأن يعيش لحظات تلك الليلة العظيمة، ينحني وقد ارتفعت روحه تعانق السماء فرحا وبشرا وسرورا بما عند الله من الخير ويهمس بحب ورجاء: اللهم إنك عفوّ تحب العفو فاعف عنا، فإذا هو في ليلته كأجود ما يكون قولا وفعلا، يسابق الى الخيرات وإلى إسعاد المسلمين، متذكرا أن الليلة هي في الحقيقة: إن ليلة القدر خير من عبادة 83 عاما، فهو من أول الشهر ولسانه يلهج بالدعاء وقلبه متلهف أن يدركها وأن يكون مستجاب الدعاء وأن يكتب عند ربه من السعداء، فيا سعد من فتح له في الدعاء ليلتها ووّفق في العبادة وفي الإنفاق فيها وختمها بالدعاء الذي يجمع خيري الدنيا والآخرة: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني.