أيام قليلة تفصلنا عن عيد الفطر المبارك، أعاده الله على الجميع بالخير واليمن والبركات، ولا يسعنا إلا أن نسأل الباري عز وجل أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.
ففي رمضان من كل عام نكتسب قيمه جديده كنا قد غفلنا عنها فيما مضى، فدائما كان يقال لنا إن رمضان تهذيب للنفس وإحساس الغني بحال الفقر، هذا فضلا عن الفوائد الصحية التي أثبتها العلماء من الصيام.
إلا أننا ما لم نتطرق إليه هو أن الصيام ليس فضله كما سبق وحسب بل إنما هو شهر السعادة فنفرح في هذا الشهر الفضيل لأنه حين تحرم من أحب الحاجات المقربة إليك منذ بزوغ الفجر وحتى غروبها أنت تفرح حين يحين وقت الإفطار فتعرف الفرحة وقيمة ابسط الأشياء فتشعر بالسعادة حتى وأنت تشرب الماء فتحمد الله على النعمة.
فأحيانا كثيرة حين نحرم من شيء أساسي ومحبب إلينا حين يأتي وقته نشعر بالفرح والبهجة ولكن الاعتياد على الشيء قد لا يشعرنا بقيمته والفرح عند قدوم موعده.
إلا أننا في هذه الأيام المباركة نبتهل للباري عز وجل أن يعتق رقابنا من النار ويتقبل منا صالح الأعمال، فتهذيب النفس لا يقتصر عند وقت رمضان وحسب فدائما الإفراط في كل شيء مكروه وله آثار سلبية على الصحة العامة.
فقد يكون رمضان فرصة حتى نكتسب عادات صحية غذائية جيده وقد يكون الذين يتبعون الحميات هم الأقل تأثرا سلبيا بالصيام لأنهم معتادون على الحميات وتهذيب النفس من الإفراط في المأكولات والمشروبات وهي التي امرنا الله عز وجل في كتابه الكريم (كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) وهذا أمر إلهي في اتباع الحميات حتى لا يتعرض المرء منا للأذى من الإفراط في تناول الطعام.
فأناس كثيرون تضرروا وماتوا بسبب الإفراط في الطعام وما صاحبه من عمليات أثرت عليهم وعلى صحتهم، فمن يعتقد مخطئا أن عمليات التكميم والتخزيم التي ابتكروها مؤخرا حلا فهذه أمرها مكروه لأن بها تمثيل لخلق الله فقد خلق الله المعدة بشكل معين وحين يؤذي المرء نفسه بقصها والتمثيل بها لأجل نزول الوزن والحل البسيط هو في اتباع أمر الله أفضل لأنها هي التي تدوم مع الإنسان.
وليس فقط في تهذيب النفس بعدم الإفراط في تناول الأطعمة بل حتى العادات السيئة من غيبة وظن سوء وشتم وإيذاء الآخرين فمن يمن الله عليه بالخير والبركة تكون لديه حاسة كلما أراد أن يؤذي أحدا يتذكر أنه في شهر الصيام فهذه بادرة حسنة لأنه إن استمر عليها بعد الصيام فستقل كثيرا حالات الشر التي تفشت في المجتمعات الإسلامية في الآونة الأخيرة وهي التي ما كان لها أن تكون لو تذكر المسلمون وصايا رسولنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.
هذا فضلا عن أن تعويد النفس على قراءة كتاب الله في رمضان يجعل المسلمين يمتثلون لأمر الله في عدم هجر كتابه الكريم لأن شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن شهر مبارك بنزول القرآن فيه وهو دستور الأمه الإسلامية وبكتاب الله الكريم نجد الأحكام والقوانين والأعراف التي لابد أن يمشي على نهجها المسلمون.
وبالأخص أن أحكام القرآن اليوم انتشرت بشكل كبير حتى عند غير المسلمين فباتوا يجدون به القيم الأخلاقية التي توافق المنهج والسريرة الحسنة ولغة المنطق.
فعجبا من أمه تتقن العربية ونجد بعضهم يتكاسلون عن قراءة آيات الله وتنفيذ أحكامه وقواعده.