انطوت صفحات قديمة وجديدة من الحوادث ولم تأت بجديد وإن اختلفت الأوجه وتغيرت العناوين، إلا أن صبغة الأسلوب واحدة تتسم بالصحوة المفاجئة التي تأتي بعد فوات الأوان، ومن ثم يليها السبات والنسيان بعد فترة قصيرة من الزمان.
كالعادة، يختلف الرسميون وغيرهم وربما يكونون من أصحاب الشأن والاختصاص أو من المراقبين، فالقاسم المشترك بينهم - كما أظن - واحد، فإما البحث عن الأخطاء ومراكز القصور أو فقط للاستهلاك، ولكنهم غالبا ما ينتهون دون تلاقي، والأهم أنه عادة لا يتمخض سعيهم بأي جديد، والملاحظ أن ردود الفعل تتسم بالنشاط الكثيف أثناء وبعد الحادث مباشرة ثم تتناقص تدريجيا إلى أن تضمر وتخمد نارها بمجموعة من التوصيات التي تتفوق على مستوى القدرات وتنحرف عما ينشدونه من أهداف.
والأمثلة عديدة للحوادث الكبرى المتنوعة، وبالأخص التي وقعت مؤخرا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، حريق في القطاع الصحي، وانفجار تلاه حريق في القطاع النفطي، وحريق في مشروع المطار الجديد الذي يعتبر من أهم المشاريع في خطة التنمية وآخرها حريق سوق المباركية المعروف بشهرته محلياً وإقليمياً كأحد المعالم التراثية في دولتنا الحبيبة الكويت.
كمراقب، أحببت وبرأيي المتواضع أن أوضح أن إدارة المخاطر «في المناطق العامة والتراثية على سبيل المثال» تعتبر الأداة والسور الواقي لتأمين سلامتها وضمان المحافظة على استدامتها، سواء صنفت بالحوادث النادرة أو المتكررة، فأسبابها محصورة بالعوامل الطبيعة السلبية أو أية أعمال أخرى كالعبث والسرقات والحرائق العرضية أو التعمد، لذلك تعتبر إدارة المخاطر هي الأداة العلمية السليمة لاستشراف المستقبل للاستفادة من الخيارات الممكنة، ولتحديد أفضل الأساليب لحمايتها وتوفير الاحتياطات المناسبة لسلامتها وما تحتويه من مواد سواء نادرة الوجود أو غالية الثمن أو ذات قيمة معنوية.
فإذا اخترقنا صندوق التفكير الاعتيادي سنرى أن الدول العظمى كالولايات المتحدة الأميركية أنشأت وكالة مركزية اتحادية لإدارة الطوارئ «FEMA» كذلك روسيا والصين وأيضا في أوروبا مثل انجلترا وفرنسا... الخ، كما أن لدينا أمثلة جيدة في الدول الشقيقة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وأيضا في بعض الدول النامية.
أما الأهداف الرئيسة لهذه الوحدات الإدارية دون النظر إلى مسمياتها وأحجامها فهي تتناسب مع حجم الدولة ومهامها لوضع المعايير الوطنية وفحص الخطط وعمل دراسات لتقييم الأخطار ومن ثم مراقبة أساليب المواجهة والتقويم.
السؤال الذي يطرح نفسه: ما العوائق التي تحول دون ذلك؟ فالخبرات البشرية الوطنية موجودة، والإرث العلمي مثل البحوث والدراسات متوافر محليا وخارجيا، وكذلك مخزون التجارب المحلية والخارجية كبير جدا، وأما الإمكانات المادية والمالية فنحن ولله الحمد بوفرة ونحسد عليها.
أخيراً لسان الحال يقول: ألم يأنِ لأصحاب القرار والمشرّعين أن يلتفتوا لهذا الأمر الذي يمثل صمام الأمان لخطط التنمية ورؤية الكويت لجذب الاستثمارات العالمية وتوفير الضمان وأساليب الوقاية والحماية المناسبة لاستدامتها.
[email protected]