الدراما لها تأثيرها الكبير على المجتمع، فهي تسبق المجتمع لتسحبه معها فكريا وأخلاقيا نحو المكان الذي تريده، والأعمال الدرامية تعكس دور الدراما في تشكيل الوعي وتغيير الواقع من خلال قصص لمواقف إنسانية بين البشر نشاهدها فنشعر بها ونتأثر، مما يجعل صناع الدراما يتحملون مسؤولية تنوير المجتمع وتوعيته بالقضايا والمشكلات التي تواجهه.
الدراما الكويتية وعمالقتها في العقود الماضية كانت أحد المؤثرين في الجمهور العربي عامة والخليجي خاصة مسلسلات مثل «درب الزلق، خالتي قماشه، درس خصوصي، إلى أبي وأمي مع التحية» على سبيل المثال لاتزال عالقة في ذهن المشاهد بكل صناعها من ممثلين، وكتاب، ومخرجين لأنها كانت نابعة من قلب وجدان ونسيج المجتمع الكويتي، قصص اجتماعية ونماذج بشرية تعيش وتحيا بيننا، ضمن قالب اجتماعي ممزوج بالدراما والكوميديا.
كانت قوة فنية وثقافية ناعمة تمتلك القدرة على الجذب والضم دون إكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع، بسبب انتشارها الواسع وقدرتها العالية على التأثير على فكر المشاهد، تساهم في عملية البناء القيمي للإنسان، ومنتجا وطنيا يتناول أهم قضايانا المجتمعية، فصنعت وعينا ووجداننا، وشكلت جزءا كبيرا من شخصيتنا في المراحل الأولى لتكويننا، وأعطتنا القدوة والمثل الأعلى، فهل يمكن مقارنتها بالدراما التلفزيونية التي تقدم اليوم للأجيال الحالية، الضعيفة دراميا، وتجسد نماذج مشوهة فكريا واجتماعيا؟!
للدراما رسالة تعزز القيم الإنسانية، وتعمق فهم الإنسان لواقع حياته، ووجوده في هذا العالم، لذلك لابد أن تعود القوة الثقافية الناعمة من جديد، وهذا لم ولن يتم إلا حين تعود للدولة قوتها وازدهارها في كل مجالات العلوم والفنون والآداب، والنهوض في كل المجالات وخاصة التعليم، وضرورة فتح مساحة من حرية الإبداع بعيدا عن تسلط البعض من الانغلاقيين وإنصاف المثقفين، وإعادة قراءة واقعنا وتاريخنا لنقدم لهذا الجيل المعاصر صورا مضيئة وقدوة حسنة تعود بالنفع على المجتمع بأثره.
لم يكذب سقراط يوما حين قال إن «الدراما محاكاة لفعل إنسان».
وأقوى أدوات ومنصات التواصل مع الناس، وترميم شروخ المجتمعات لا بسد الجروح أو تسكين الآلام لكن بفتحها وتطهيرها ومن ثم علاجها عبر الطرح والنقاش لأن الواقع أصبح بصريا بامتياز.
لابد أن تقوم مسلسلاتنا بإظهار الجمال وليس القبح، وان تظهر دفء العلاقات الاجتماعية، نعم هناك نماذج سيئة، ولكن هدف الدراما إصلاحهم أو إرسال رسالة بأن هذا النموذج مرفوض ويبين مدى قبحه حتى ينفر المتلقي منه، وهكذا تكون الرسالة من الدراما قد أثرت في المتلقي.
الدراما كقيمة ثقافية وفنية تطرح على عموم المجتمع يجب أن ترتقي دوما إلى أعلى ولا تنحرف أبدا ولو بقدر ضئيل إلى أسفل ليس فقط على مستوى إعلاء قيمة الإحساس بالجمال، ولكن أيضا على المستويات الأخرى كإعلاء قيم الأخلاق والفضيلة والعمل الجاد وقيمة العلم وقيمة الدفاع عن الوطن إلى آخر هذه القيم التي تمثل عصب نجاح وتطور أي مجتمع متحضر معاصر.
لذلك دور صناع الدراما كقوة ناعمة على كل المستويات يجب أن يرتقي وأن يكون دائما عنصرا إيجابيا مؤثرا، خصوصا أنهم يشكلون الصفوة ويحظون بإعجاب خاص من عموم الناس، مما يوقع على كاهلهم مسؤولية خلق مجتمع راق يصنع نهضة لبلاده.
٭ عز الكلام: ما زلنا بحاجة للمزيد من الأعمال التي توثق حاضرنا، وتعبر عنا وعن مجتمعنا، كما يجب أن يكون، نتمنى عودة وزارة الإعلام إلى إنتاج الدراما الكويتية فخروجها من الإنتاج تركت الدراما للمنتجين التجار الذين لا يهتمون إلا بالربح.
[email protected]
Nesaimallewan