توقع تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، أنه من المتوقع ان يتخطى النمو الاقتصادي للإمارات نحو 5% في المتوسط خلال عامي 2022-2023 وذلك بفضل زيادة الإنتاج النفطي، وعودة أنشطة الأعمال لطبيعتها بعد الجائحة، هذا إلى جانب تحسن أداء قطاعي السياحة والعقار وتطبيق المزيد من المبادرات الحكومية لدعم الاستثمار وتعزيز القدرة التنافسية الدولية للإمارات.
وبقي وضع المالية العامة مستقرا إلى حد كبير نسبيا خلال الجائحة، ومن المتوقع مواصلة تسجيله فائضا للمرة الثانية على التوالي في عام 2022 مع ارتفاع أسعار النفط، مما يعزز الاحتياطيات المالية.
وتشمل التحديات التي تواجه آفاق نمو الاقتصاد الإماراتي إمكانية تدهور أوضاع الاقتصاد العالمي، والتقلبات الجيوسياسية على المستوى الإقليمي، وتشديد الظروف المالية، واستمرار قوة الدرهم الإماراتي مما قد يؤثر سلبا على تدفقات التجارة والاستثمار.
نمو قوي
وذكر التقرير أن التوقعات تشير إلى أن معدل النمو الاقتصادي سيصل إلى نحو 5.3% في المتوسط خلال 2022-2023، متخطيا المستويات المسجلة عام 2021، والتي بلغت نحو 3.8%.
ويعزى الفضل في ذلك للقطاع النفطي الذي من المتوقع أن يسهم في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي بتسجيله نموا بنسبة 10%، على أساس سنوي، نتيجة لزيادة معدل الإنتاج النفطي الذي من المتوقع أن يصل إلى نحو 3.3 ملايين برميل يوميا بنهاية عام 2023، وذلك على خلفية تقليص الأوبك وحلفائها لتخفيضات الإنتاج.
كما ستسهم الاستثمارات الضخمة لشركة أدنوك التابعة للدولة (127 مليار دولار) على مدى السنوات الخمس المقبلة في تعزيز نمو القطاع، بما في ذلك زيادة الطاقة الإنتاجية إلى 5 ملايين برميل يوميا.
وتشمل المشاريع المزمع الانتهاء من تنفيذها خلال فترة التوقع تطوير مشروع مرافق حقل باب المتكاملة (450 ألف برميل يوميا)، ومشروع تطوير حقل بوحصا (550 ألف برميل يوميا)، وتنفيذ المرحلة الثانية من مشروع توسعة تطوير الغاز المتكامل (245 مليون قدم مكعب يوميا).
وتعتبر النظرة المستقبلية للقطاع غير النفطي إيجابية، إذ تشير التوقعات إلى إمكانية وصول معدل النمو إلى 3.5% في المتوسط خلال عامي 2022-2023 في ظل تلاشي الضغوط الناجمة عن الجائحة وتحسن الأنشطة المتعلقة بالسياحة الدولية والعقارات.
كما بقي نشاط مؤشر مديري المشتريات قويا في أبريل الماضي (54.6)، وإن كان أقل بقليل من مستويات ما قبل الجائحة، وذلك نظرا لاستمرار ضعف سوق العمل ومساعي الشركات لتقليص تكاليفها نظرا لارتفاع أسعار الوقود والمواد الأساسية.
من جهة أخرى، يعتبر التعرض المباشر لروسيا وأوكرانيا محدودا (يصل إلى نحو 1% من إجمالي التجارة الإماراتية، ونحو7% من إجمالي عدد السياح)، إلا أن طول أمد الحرب أو تزايد حدتها قد يؤدي إلى ظهور المزيد من التداعيات والتأثير سلبا على الظروف الاقتصادية خلال فترة التوقع نظرا لمكانة الإمارات كمركز عالمي للتجارة وأنشطة الأعمال.
وأشار التقرير إلى ان السياسات الحكومية الناجحة التي ترتكز على الاستثمار والتنويع لاتزال تلعب دورا جوهريا في تعزيز آفاق النمو الاقتصادي على المدى المتوسط، بما في ذلك طرح عدد من البرامج التنموية مثل «مشاريع الخمسين» والأجندة الخضراء 2030 واستراتيجية الطاقة 2050.
وتهدف تلك المبادرات إلى تسريع عملية التحول الاقتصادي من خلال تنمية ودعم القطاع الخاص وجذب استثمارات أجنبية بقيمة 150 مليار دولار على مدار العشر سنوات القادمة، هذا إلى جانب تسريع وتيرة التحول الرقمي والتوجه نحو مستقبل منخفض الكربون.
من جهة أخرى، فإن تزايد المنافسة الاقتصادية مع دول الجوار الخليجية سيزيد الضغوط على للحفاظ على المكانة الريادية التي تتمتع بها الامارات كمركز تجاري واستثماري على مستوى المنطقة، وينعكس ذلك في الانفتاح على المستثمرين الأجانب، والحرص على جذب العمالة الماهرة والتشريعات الداعمة لأنشطة الأعمال مثل التشريعات التجارية التي صدرت مؤخرا وقانون الشركات وغيرها من الإجراءات التي من شأنها دعم حقوق الملكية الفكرية وحماية العلامات التجارية.
ترجح التقديرات ارتفاع معدل التضخم من 0.2% فقط في المتوسط عام 2021 لنحو 2.5% سنويا خلال عامي 2022-2023 بسبب اضطرابات سلسلة التوريد، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، وانتعاش قطاع إيجارات المساكن.
وقد يسهم رفع أسعار الفائدة - بما يتماشى مع التحركات المتوقعة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي - في امتصاص بعض تلك الضغوط.
وقد يؤدي تشديد الظروف المالية وانتهاء برنامج تأجيل سداد أقساط القروض في ديسمبر 2021 إلى تحسن نمو ائتمان القطاع الخاص، والذي ظل ضعيفا في فبراير الماضي بنموه بمعدل 1% فقط على أساس سنوي.
من جهة أخرى، بدأت أسعار العقارات السكنية تشهد ارتفاعات كبيرة في النصف الثاني من عام 2021 (+ 7.9% على أساس سنوي في دبي، + 1.8% في أبوظبي) بعد ركود استمر على مدار عدة سنوات.
وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة، إلا أنه من المتوقع أن يواصل السوق العقاري تعافيه، وإن كان بوتيرة معتدلة في ظل العرض القوي المتوقع للوحدات الجديدة، كما تم وضع مجموعة من الإجراءات لتحفيز الطلب، بما في ذلك تخصيص 12 مليار درهم لتوفير قروض سكنية.
آفاق النمو والتحديات
ذكر «الوطني» أنه بالنظر إلى اقتصاد الإمارات المتكامل عالميا، تشمل التحديات التي تهدد آفاق النمو إمكانية تدهور أوضاع التجارة العالمية والسياحة والاستثمار وتدفقات رأس المال بسبب تشديد السياسة النقدية أو الحرب في أوكرانيا، وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية المرتبطة بإيران.
إلا أن التصورين الأخيرين قد يسهمان في رفع أسعار النفط، مما قد يوفر بعض الدعم لتعزيز النمو الاقتصادي. كما أن استمرار الأداء القوي للدرهم الإماراتي (بسبب قوة الدولار) قد يؤثر على القدرة التنافسية وتدفقات الاستثمار الوافدة إلى الامارات.
ارتفاع النفط يعزز القطاعين المالي والخارجي
أكد «الوطني» على أن أوضاع المالية العامة مرنة وقادرة على الصمود نسبيا خلال الجائحة، وذلك بفضل تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية المتقلبة (حوالي 41% من إجمالي الإيرادات) مقابل نظيراتها من دول مجلس التعاون الخليجي.
وعادت الميزانية العامة مجددا لتسجيل فائض في عام 2021، ومن المتوقع أن تزداد قوة في عامي 2022-2023 مدعومة بارتفاع أسعار النفط وتحسن وتيرة النشاط الاقتصادي واستحداث ضريبة اتحادية بنسبة 9% على أرباح الشركات للمرة الأولى بدءا من يونيو 2023.
وقد تشهد النفقات ارتفاعا بوتيرة معتدلة على خلفية زيادة الإنفاق الرأسمالي لدعم المبادرات والدعوم الحكومية. ومن المتوقع تسجيل الموازنة العامة فائضا يصل إلى حوالي 8% من الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2022 و2023.