كتبنا في مناسبة سابقة حول الفقر السياحي الذي تواجهه البلاد مما تقدمه الدولة للمواطن، الأمر الذي جعله مرغما يلجأ إلى المراكز التجارية التي بدورها أجهزت على راتبه بشكل كامل في سبيل تقديم الترفيه لأفراد أسرته لمدة أسبوع واحد فقط.
وإن كنا نتحدث عن السياحة فإننا نقصد بها فترات العطل الرسمية أو الصيف والأعياد، ولكن ماذا عن بقية أيام السنة؟ ما الذي يتوافر حولك كمواطن لممارسة حياتك بشكل مثالي وفي حدود منطقتك السكنية أو محافظتك؟ هل هناك مركز رياضي مناسب لكل فصول السنة؟ الساحات الرياضية مهملة وفقيرة في أغلب المناطق مما يجعلها شبه خاوية أكثر الأوقات، في الوقت الذي لدى كل منطقة جمعية تعاونية ممكن أن تخصص من ميزانيتها الهائلة شيئا لهذا النشاط بشكل دائم وفعال، ناهيك عن وجود هيئة عامة مهمتها الاهتمام بالشباب والأنشطة الرياضية، وعدة وزارات معنية بهذا الأمر الذي يحتاج إلى رؤية ومنهج لاستغلالها لصالح المواطن في بلد مثل الكويت.
وعلى ذكر الأنشطة الرياضية، فإنه لا يوجد مكان داخل المناطق السكنية يمكن استغلاله لرياضة الدراجات الهوائية مثلا، فشارع المشاة على أطراف المنطقة غالبا ما يقصده كبار السن والنساء مما يجعل مرور الدراجة الهوائية بجانبهم مدعاة للخطر، الأمر بسيط جدا ولا يحتاج إلا إلى تشريع بإضافة ممر طويل بالتنسيق مع الجهات المعنية وبميزانية تتكفل بها الهيئة أو الجمعية التعاونية لهذا الغرض الذي أصبح ملحا في الآونة الأخيرة.
كل مواطن يسكن في منطقة قديمة نوعا يلاحظ وجود حدائق عامة أصبح من النادر وجودها في المناطق الجديدة، غير أن الحدائق أصبحت مهملة بشكل مقزز يدل على مستوى حرص المسؤولين على هذه المنشآت وأهميتها.
وكذلك المراكز الثقافية المهيأة لممارسة القراءة والفعاليات العامة من رسم وتعليم وموسيقى ومحاضرات وورش فنية وعلمية، فهذا المواطن بهذه الرغبة لا يطلب الكثير، إنما هي مقومات حياة جيدة يمكن معها تقبل عدم لجوئه للسياحة في أوقات كثرة من السنة.
الاستثمار في الإنسان (المواطن) في هذا البلد يعد أهم تنمية مستدامة من شأنها تحقيق العائد المرجو خلال السنوات المقبلة، فهل تبدأ به؟ فقد رأينا جارتنا المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع تحصد جوائز (آسيف 2022) في مجالات مثل العلوم والطاقة وغيرها، مما أبهرنا جميعا ويجب أن يكون محفزا لنا كي نجعل المواطن الكويتي في المراكز الأولى عالميا بالجهد والتركيز والقرار المناسب.