من المحزن أن أجد نفسي مجبرا على كتابة هذا المقال والبحث في عقلي ووجداني عن مفردات أقل حدة لاستخدامها، إلا أنني لم أجد مهربا من التعبير عن استيائي لما آلت إليه الأمور في أعرق مؤسسات الدولة.
لا يخفى على من يعمل في جامعة الكويت أن هناك سياسة أشبه ما تكون ممنهجة تمارس للتقليل من شأن أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت، وتسعى بقصد أو دون قصد لتدهور وتدني مستوى هذه المؤسسة الأكاديمية العريقة لغرض في نفس يعقوب، ومن يسهم في تحقيق تلك الأجندة يحتاج إلى إعادة رؤية لهذا الصرح الأكاديمي، فلا يوجد شخص عقلاني يعمل ضد زملائه ويسهم في تشكيل سياسات ويقوم بممارسات من شأنها أن تنزل من قدر أعضاء هيئة التدريس.
ومن مؤشرات تلك الممارسات المهينة على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1 - تقع مرتبات أعضاء هيئة التدريس في مرتبة متدنية مقارنة بمهن أخرى في الكويت وقدرت بالمرتبة الـ 13 في الكويت بناء على دراسة منشورة في حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، وليست الأفضل على مستوى المؤسسات الأكاديمية في الخليج، وهي ما لا تتناسب وطبيعة عملهم والجهد المبذول.
2 - يتمتع عضو هيئة التدريس غير الكويتي بمزايا مثل التذكرة السنوية والتأمين الصحي له ولأسرته ورسوم مدارس خاصة لأبنائهم، بينما يحرم منها عضو هيئة التدريس المواطن. يتم وضع شروط تعجيزية على المواطنين للحد من تغطية الرسوم الدراسية لأبنائهم، بينما لا توجد مثل هذه الشروط على غير المواطنين.
3 - يشارك العضو في عدة لجان متنوعة على مستوى القسم/ العمادة/ الجامعة قد يمتد العمل بها لساعات متأخرة من اليوم دون أي مكافأة كما هو معمول به في بقية وزارات الدولة.
4 - لم يحصل عضو هيئة التدريس على زيادة في الراتب منذ سنة 2006، أي ما يقارب 16 سنة، كما أن الزيادة السنوية في الراتب تتوقف بعد السنة الخامسة/ السادسة.
5 - يحرم الكثير من أعضاء هيئة التدريس من المقررات الإضافية ويحرم الطالب أيضا على إثره، والتي تعتبر بمنزلة «البونص» الوحيد لعضو هيئة التدريس إذا ما تمت مقارنته بالمؤسسات الحكومية والخاصة الأخرى.
6 - من يتفرد بالقرار في إعطاء/ حرمان عضو هيئة التدريس للعبء الإضافي هو شخص واحد فقط، فالقرارات لا تبنى وفق دراسات وإحصائيات أو بناء على المعطيات العلمية كنسبة قبول الطلبة وحاجتهم للمقررات.
7 - يعمد بعض القياديين إلى ممارسات - رقم 6 كمثال - للتوفير في الميزانية وهذا يأتي على حساب جودة التعليم وتلبية احتياجات الطلبة خصوصا الخريجين.
8 - رغم تعذر الإدارة الجامعية بمحدودية الميزانية بشكل مستمر، إلا أنها تعيد فائض الميزانية للدولة والذي يقدر بملايين الدنانير، فكان من الأولى صرفها على مزايا مستحقة لأعضاء هيئة التدريس أو على الأقل استخدامها لتفعيل الأنشطة العلمية أو الطلابية.
9 - رغم تناقض الإدارة الجامعية في شأن الميزانية، فإن المكتبة الإلكترونية وقواعد البيانات المتوافرة لا ترقى الى المستوى الأكاديمي المطلوب ولا تلبي احتياجات أعضاء هيئة التدريس في عمل الأبحاث العلمية مقارنة بما توفره الجامعات العريقة والمتوسطة في دول الجوار، وهذا أحد أهم أسباب عدم وصول جامعة الكويت إلى مصاف الجامعات المتقدمة، ناهيكم عن استحالة حصولها على الاعتمادات الأكاديمية في ظل وجود قواعد بيانات بهذا المستوى.
10 - تقدمت الإدارة الجامعية بلائحة جديدة لتنظيم الفصل الصيفي والتي تتطلب ميزانية ضخمة وهو ما يتعارض مع سياسة الإدارة الجامعية الحالية وشكواها بمحدودية الميزانية.
11 - مثل تلك التناقضات تثير الكثير من التساؤلات والشجب والاستنكار من قبل أعضاء هيئة التدريس وعدم الثقة بمصداقية وشفافية قرارات الإدارة الجامعية.
12 - في حال تم تطبيق اللائحة الجديدة للفصل الصيفي مع استمرار حجة محدودية الميزانية، سيسلب ما تبقى من حقوق أعضاء هيئة التدريس بالإضافة إلى ما تم ذكره سلفا، تلك الحقوق والمكتسبات المنقوصة أصلا والتي يعمل أعضاء هيئة التدريس جاهدين على المحافظة على ما تبقى منها.
13 - مثل هذه السياسات غير العادلة تخلق استياء شديدا بين أعضاء هيئة التدريس كما تخلق بيئة عمل طاردة، ومشاعر أيضا سلبية بين الزملاء بسبب حصول بعض أعضاء هيئة التدريس للإضافي وحرمان الآخرين منه.
14 - إشغال أعضاء هيئة التدريس في مثل هذه الأمور السياسية والإدارية، ودفعهم للانشغال في المحاربة للمحافظة على ما تبقى من حقوق ومكتسبات ينعكس سلبا على الثقافة التنظيمية للمؤسسة والأسلوب القيادي وجودة التعليم، في حين يجب أن يسود هذه المؤسسة الثقافة الداعمة والابداعية.
15 - هذه الممارسات دفعت بالكثير من أعضاء هيئة التدريس بشكل عام والفئة الشابة بشكل خاص الى التفكير جديا ومليا بالهجرة الى دول ابتعاثهم أو الى بعض الدول الخليجية التي تضمن حقوقهم دون إذلال أو مهانة أو تمييز.
نتوسم من الإدارة الجامعية الجديدة رؤية تتناسب وطموحات العاملين في جامعة الكويت وقرارات واضحة ومنصفة تبعث على ضمان الاستقرار النفسي والاجتماعي والمهني لديهم، ما يسهم في الارتقاء بمستوى أدائهم وهو الطريق الوحيد للدفع بجامعة الكويت لتكون في مصاف الجامعات المتقدمة بالمنطقة وربما الدولية في يوم ما.