روزنامة هي سلسلة لوثائق تاريخية حرص د.يعقوب يوسف الحجي على جمعها وحفظها حتى يمكن للأجيال القادمة الاطلاع على تاريخ الكويت أيام البحر، حيث كان الكويتيون قبل النفط يعتمدون في معيشتهم على التجارة وصيد اللؤلؤ والسمك، ولقد اخترت لكم اليوم النوخذة حمد عبداللطيف العيسى وهو أحد نواخذة السفن الشراعية، الذين تحملوا المشقة وقاوموا المصاعب حتى يوفروا لأهل الكويت والخليج العربي ما يحتاجونه من المواد الغذائية ومواد البناء وبضائع منوعة كذلك عمل نواخذة البحر الكويتيون بتجارة اللؤلؤ.
ونعود للنوخذة حمد العيسى وهو يتحدث عن نفسه: لقد تحملنا عناء العمل في البحر، حيث منعت البحرية البريطانية بواخرها من نقل السلع والمواد الغذائية الأساسية من الهند إلى دول الخليج العربي، إلا أن هذا لم يمنع نواخذة البحر الكويتيين من نقل البضائع من الهند إلى الكويت ودول الخليج، وكان هذا أحد المصاعب التي تعرض لها نواخذة الكويت بصلابة الرجال الشجعان، وكان نوخذنا حمد بن عيسى أحد هؤلاء الشجعان، ويواصل نوخذنا حديثه فيقول لقد بدأت عملي كنواخذة من شط العرب (أو خور البصرة) كما يسميه النواخذة بحمولة من التمر لإيصالها إلى بندر كراجي (الهندي انذاك) ويواصل النوخذة حمد بن عيسى حديثه: كانت سفرة طويلة نسبيا، حيث استغرقت 28 يوما وكانت سفرة متعبة نظرا للظروف الجوية والرياح والأحوال الجوية غير المستقرة ولقد اضطروا إلى اللجوء إلى بعض البنادر الإيرانية والبلوشية للاحتماء بها حتى تهدأ الأجواء والرياح وتستقر الأحوال الجوية، ومن ثم معاودة الإبحار وكتب النوخذة في مذكرته: أصبحنا والرياح كوس تارس ومن عظم الرياح المويه دشت علينا في البندر وأمسينا ولا شفنا الهلال، وتمكنا فيما بعد من أن نصل إلى بندر كراجي بسلام.
هذه هي الظروف التي كان يتعامل معها بحارتنا الشجعان والنوخذة حمد بن عيسى هو أحد البحارة الشجعان ولو حاولنا نصف الروزنامة الخاصة بالنوخذة حمد بن عيسى لوجدنا أن مؤلف الكتاب الدكتور الحجي قد حرص على تسجيل تاريخي لما كان يقوم به البحار الكويتي وحاول أن يتتبع سفرات النوخذة حمد بن عيسى فإنه سجل سبع عشرة سفرة مع كامل تفاصيل كل سفرة مع تحديد انطلاق كل سفرة وطريق مسيرتها نلاحظ أن هؤلاء النواخذة قد عانوا كثيرا من العناء وتحدوا الصعاب في كل سفرة.
ونحن إذ نشكر كثيرا المؤلف الكبير الدكتور يعقوب الحجي الذي تمكن من أن يضع سلسلة من مؤلفاته روزنامة حتى تطلع الأجيال القادمة على ما قام به نواخذة السفر من عناء وصعاب حتى يوفروا المواد الغذائية لشعوب دول الخليج العربي وأن هذا العمل الذي يقوم به البحارة الكويتيون والخليجيون قبل اكتشاف البترول ليدل على تماسك شعوب كل الخليج، حيث كان هناك تعاون تام بين البحارة الخليجيين، وأتمنى لو درست وزارة التربية تلك الروزنامات التي تتضمن سجلا تاريخيا لأيام الغوص والسفر وعلاقة أهل الخليج بالبحر قبل اكتشاف النفط، وأن تدرس ضمن مادة التربية الوطنية، حتى يطلع أبناؤنا على تاريخ وعمل أهل الخليج العربي قبل النفط.. لابد أن نحرص على تدريس أبنائنا ما عاناه البحارة من صعاب في سفراتهم عبر البحار إلى الهند وشرق إفريقيا.
٭ من أقوال جابر الخير: «إن علاقة أبناء الكويت بالبحر علاقة مصيرية ترجع إلى مئات السنين، حينما كان البحر مصدرنا الأول للرزق بما نستخرجه من أعماقه من الخيرات».
والله الموفق.