في أحد السجون المتوافقة مع المعايير الدولية من حيث نوعية الخدمات المقدمة للسجين وإكرامه بأنواع جيدة من الطعام وأسرة نوم مناسبة بالاضافة إلى عدم استخدام أي وسيلة تعذيب أو تجويع أو تسليط للكلاب، إلا أن معدل الوفيات بصورة طبيعية مرتفعة بحيث ينام السجين وفي الصباح يفارق الحياة دون مرض أو ألم!
بعد البحث وجد علماء النفس أن السر يكمن في التحكم بنوعية الأخبار حيث قام السجانون بانتقاء الأخبار السلبية وتنقيطها على المساجين كقطرات السم فتتحطم النفسيات وتضعف الأرواح ويفقد الأمل، بالإضافة إلى ابتكارهم أسلوبا غريبا تمثل بإجبار السجناء على التحدث عن غدارتهم وخياناتهم ومواقفهم المخزية على رؤوس الأشهاد فيفقدون احترامهم لذواتهم واحترام الآخرين لهم.
للكلمات سحر وتأثير عميق خصوصا في حوار الإنسان مع ذاته أو التي يستقيها من محيطه، فالأخبار السارة والأحاديث الإيجابية تؤنس الروح وتعزز قيمة الإنسان لذاته ويشحذ طاقته كأنها نفحة سماوية، كلنا نخطئ ونتمادى أحيانا في التفكير السلبي متناسين أن الأقدار مكتوبة، فابذل الأسباب لتسعد ولا تستجلب مواطن الانكسار والندم ما دمت قد أخذت منه الدروس والعبر، فالحياة تسوقنا أحيانا لارتكاب الأخطاء أو أن ننزلق إلى نزوة نستصغرها نشعر رغم ذلك بأننا متفردين بالمحاسن نرى بأفقنا الضيق فيتدخل القدر ليعرفك قدر نفسك ويجعلك ترى الصورة كاملة فتكسرك الدنيا كسرا يليق بها ويخذلك البشر خذلانا يليق بهم، ثم يجبرك الله جبرا يليق به سبحانه فيلهمك التوبة ليريح روحك أو يمنحك شخصا يعيد لك اتزان قلبك تزهر به من جديد أو يلفك بأسرتك فتنسيك همك.
«يؤدب الألم صاحبه، يصقله صقلا، يعلمه الصمت الطويل، يريه من بعيد ما لم يكن يراه من قريب، يعلمه الدعاء، يوحشه من الناس، ويؤنسه بربه ويكفيه به، إن للألم باطنا فيه الرحمة»
لذا احترم نفسك وعاملها برقي وترفق بها ولا تجلدها وخاطبها بأرق العبارات، ثم انثر النور في طريق الآخرين زارعا لبذور الأمل ناشرا للخير معطرا المجالس بمفرداتك العبقة.
al_kandri@