في المشهد العالمي الحالي للوسائط الاجتماعية سريع الحركة يمكن أن تنتشر قضايا السمعة وأن تتضخم بسرعة كبيرة، كما يمكن أن يكون للضرر الذي يلحق بسمعة المؤسسة العديد من الأسباب - مراجعة عبر الإنترنت لمنتج مخيب أو فيديو فيروسي لنشاط غير مناسب - بالإضافة إلى العديد من التأثيرات. تبتعد أدبيات السمعة عن التعريفات الجيدة أو السيئة في صياغتها لأنها ذاتية للغاية، ووفقاً لدراسة حديثة أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن أكثر من ربع قيمة الشركة ترتبط ارتباطا مباشرا بسمعتها، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالمسائل المتعلقة بالأخلاق والنزاهة.
وتشمل العوامل المساهمة الرئيسية زيادة مستوى نشاط العملاء الذي تحركه وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة التدقيق من قبل الأسواق المحلية والعالمية، إذ تختلف السمعة عن السلوك الفعلي للشركة، وقد تكون أفضل أو أسوأ لسد الفجوات بين السمعة والواقع، يجب على الشركة إما تحسين قدرتها على تلبية التوقعات، أو تقليل التوقعات من خلال تقديم وعود أقل. كما تكمن المشكلة في أن المديرين قد يلجأون إلى التلاعب قصير المدى كطريقة للسيطرة على الضرر، مثل إخفاء أفعال معينة خاطئة، أو إظهار زيادة في النشاط من أجل تسليط الضوء بعيدا عن أوجه القصور لديهم، بينما لا يتغير أي شيء بشكل حقيقي، ما يتسبب في المزيد من المشاكل المستقبلية.
بشكل عام، تقوم معظم الشركات بعمل غير ملائم في إدارة سمعتها بشكل استباقي، لكنها تميل إلى تركيز طاقاتها على التعامل مع التهديدات التي تتعرض لها سمعتها بعد ظهورها بالفعل، وهذه ليست إدارة مخاطر بل إنها إدارة أزمات، وهو نهج تفاعلي يهدف إلى الحد من آثار الضرر. لكن لا يمكن حساب ثمن الضرر بالسمعة فقط في الأرباح والخسائر، إذ تشير الأبحاث التي أجرتها مجلة «هارفارد بيزنس ريفيو» إلى أن الإضرار بالسمعة يمكن أن يكلف الشركة أيضا عبئا هائلا من معدل دوران الموظفين ونفقات التغيير، ناهيك عن الكفاءات المفقودة بسبب توظيف أشخاص ذوي مؤهلات أقل حيث يغادر الأشخاص الأكفاء إلى أماكن ذات سمعة أفضل.
أيضا، إن كسر العقد الاجتماعي هذا هو الثمن الأعلى لسمعة سيئة والأكثر صعوبة في التغلب عليه، ومع ارتباط المسؤولية الاجتماعية بأهداف التنمية المستدامة فإن الشركات يجب أن تفعل أكثر من تحقيق الربح، كما يجب عليهم الالتزام بالمعايير الأخلاقية لمجتمعهم. ويتم الحكم على المنظمات ببطء لكن بثبات بناء على مساهمتها الصافية، لكن النوايا الحسنة عادة ما تكون قاصرة وهي عملة هشة يمكن إنفاقها بسهولة، خاصة من قبل الشركات التي تفتخر بتقدير الأخلاق والنزاهة، لاسيما تلك التي تؤثر على الأجيال القادمة. وكما قال الراحل بنجامين فرانكلين، فإن بناء سمعة طيبة يتطلب الكثير من الأعمال الصالحة، وخسارتها في عمل سيئ واحد!
dr_randa_db@