يحدث أن تمر بسيارتك أمام مدرسة وتجد أن الشارع مغلقا لأن بعض أولياء أمور الطلبة يغلقون الشارع حتى يأخذوا أبناءهم قبل غيرهم، وغالبا يكون الذين يغلقون الشارع هم الذين وصلوا متأخرين، وهذا يحدث توترا وفزعا للشارع والطلبة، ومن كثر تكرار هذا الحدث أصبح أمرا طبيعيا لا يستهجنه الناس، وبالحديث عن الفزع والتوتر يذكر أن مصدر مصطلح (panic) والذي يقابل الفزع والتوتر في العربية، هو بالأصل مشتق من اسم (pan) الشخصية الأسطورية القادمة للإنجليزية من الثقافة الإغريقية، والذي ولد برجلي ماعز وقرنين، وكان له شكل وصرخة مفزعة تدب الرعب بقلب من يسمعها، وتقول الأسطورة بأنه أعجب بإحدى الحوريات، فلحقها حتى وصلت لصديقتها، فقامت الصديقات بإنقاذها عن طريق تحويلها لأشجار القصب، وعندما يأس (بان) من أن يجدها، تنهد تنهيدة مرت رياحها على عيدان القصب الفارغة، فأخرجت صوتا جميلا، فأخذ القصب وربطه ببعض وصنع آلة (pan flute)، والتي مازالت بهذا الاسم المنسوب إليه، ويقال إن سبب تعلقه الشديد بالحورية ما هو إلا تعويض عما فقده من حنان بسبب هجران أمه له عند ولادته، لأن شكله لم يعجب الأم.
وبالحديث عن تأثير الوالدين على الأبناء، شاهدت قبل فترة فيلما نيجيريا، يتحدث عن راهب لديه ابن طيب، لكن كغيره من الأطفال كان مهتما باللعب أكثر من الأمور الدينية، فيقوم الأب بضربه كنوع من التأديب حتى يحضر القداس ويلتزم بالأمور الدينية، وكلما ضربه الأب قال للابن: سأخرج الظلمات التي في داخلك، وهو لا يعلم بأن ضربه هذا هو الذي يدخل الظلمات إلى قلب الطفل، والنهاية كانت متوقعة وهي أن الطفل انحرف، وقام بجميع أنواع الفساد، كطريقة اقتصاص لنفسه أولا ومن والديه ثانيا.
بالنهاية الإنسان ابن بيئته يتأثر ويؤثر في كل ما فيها، وتربية الأبناء في الزمن الحالي أصعب من الأزمان السابقة، بالسابق كان الطفل يولد ويموت وهو غالبا لن يخرج من قريته أو مدينته، فيتربى على أفكار مجتمعه ويموت عليها، ونادر جدا أن يطلع على أفكار وثقافات المجتمعات الأخرى، أما الآن فجميع الأفكار السلبية والإيجابية بين يديه، عن طريق الهاتف المحمول والأجهزة اللوحية، والمسلسلات والأفلام التي تغرس أفكار المجتمعات التي خرجت منها، رغم كل هذه الصعوبات التي تواجه العملية التربوية في المنزل والمدرسة، تجد أولياء أمور الطلبة يغلقون الشوارع ليأخذوا أبناءهم، من أمام أهم صرح تربوي في حياة الطلبة، دون استنكار يذكر من الطاقم التربوي في المدرسة، وتسأل نفسك ما هي الرسالة التربوية التي يرسلونها للطلبة بهذا الفعل، وإذا كانت هذه طريقة تعامل أولياء الأمور أمام الناس، والتي من الطبيعي أن تكون بأحسن صورة، فما هي طريقة التربية المتبعة بالمنزل، ومن الطبيعي أن تكون النتيجة التربوية سيئة، ثم يخرج بعضهم بالإعلام ووسائل التواصل الإعلامي قائلا: «الجيل الجديد جيل (مو) متربي».