بيروت ـ اتحاد درويش ـ أحمد عز الدين
افتتح المجلس النيابي الجديد أعماله بخلافات وسجالات طائفية وتباينات واسعة بين مكوناته يخشى معها ان تنسحب على عمله التشريعي.
وقد جدد في جلسته الأولى لرئيسه نبيه بري، وانتخب هيئة مكتبه في جلسة طويلة وصاخبة تخللها جدل دستوري في محاولة لخرق التفاهمات التي كانت سائدة حفظا للتوازنات الطائفية والمذهبية، الأمر الذي اضطر الهيئة العامة لتغيير بعض قواعد التصويت للحفاظ على التمثيل الطائفي في هيئة مكتب المجلس، بحيث تم انتخاب أميني السر بطريقة طائفية، وهو ما اعترض عليه عدد من النواب الجدد التغيريين لجهة تكريس الطائفية بالنص، فكان رد النائب وائل أبوفاعور بمطالبة النواب بتقديم عريضة لإلغاء الطائفية وقيام الدولة المدنية، فعقب الرئيس بري «منذ 40 سنة وأنا اطلب بالدولة المدنية خلينا نمشي شوي شوي».
الرئيس بري فاز بالدورة الاولى بأكثرية 65 نائبا مقابل 23 ورقة بيضاء و40 ورقة حملت شعارات ومواقف اعتبرت ملغاة، لكن النواب المعارضين أصروا على تلاوة مضمونها وفيها «العدالة لضحايا انفجار المرفأ»، و«العدالة للنساء المغتصبات»، و«العدالة للمودعين» و«العدالة للقمان سليم» الناشط الذي اغتيل قبل اكثر من سنة، ووضع نواب «القوات» اسم كتلتهم «الجمهورية القوية» وورقة تحمل اسم موسى الصدر.
وبعد انتخاب رئيس المجلس، انتخب نائبه، ففاز إلياس بوصعب بالدورة الثانية بأكثرية 65 صوتا مقابل 60 لمنافسه غسان سكاف، ووجدت ورقتان بيضاء وورقة ملغاة.
وحصل جدل كبير حول انتخاب أميني السر وحصلت تفسيرات متعددة للدستور، حيث جرت العادة ان يكون احدهما مارونيا والآخر درزيا، وحسما للجدل انتخب كل منهما طائفيا ففاز آلان عون من التيار الحر بأكثرية 65 نائبا مقابل 38 لمنافسة زياد حواط من القوات اللبنانية، وفاز هادي أبوالحسن عن الدروز بالتزكية بعد انسحاب منافسه.
وقالت النائب بولا يعقوبيان «لأول مرة تحصل عملية اقتراع على هذا النحو»، فرد بري بالقول: «بلدك هيك ماشي».
وكانت ساحة النجمة قد ازدحمت مرتين، الأولى عند انتظار الرئيس نبيه بري الذي وصل بعيدا عن الأنظار ولم يرافقه رئيس الحكومة بوصفة رئيس السن، والثانية عند وصول نواب قوى التغيير في مسيرة من مرفأ بيروت حاملين صور الشهداء إلى داخل المجلس، وكانت عدسات الكاميرات لهم بالمرصاد، وقد تخلى البعض منهم عن اللباس الرسمي واستبدله «بالسبور».
وما ميز الجلسة ايضا، التي انقطعت عنها الكهرباء أكثر من مرة، انعقادها في مقر المجلس بساحة النجمة بعد ازالة الحواجز بطلب من نواب التغيير كشرط لحضور الجلسة.
كما تميزت الجلسة بحضور عدد من السفراء العرب والاجانب والبعثات الديبلوماسية، وحضر قائد الجيش جوزيف عون ومدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم وعدد كبير من الحضور الذين غصت بهم المقاعد المخصصة للزوار، مما دفع بعدد كبير من الصحافيين إلى متابعة مجريات الجلسة في قاعة مكتبة المجلس التي زودت بشاشات كبيرة.
الرئيس بري وبعد فوزه توجه بكلمة شكر فيها «من عارضوا انتخابي رئيسا للمجلس سواء بالتصويت «لا»، بورقة بيضاء، أو باختيار اسم آخر من خارج السياق المألوف أو بالاقتراع من باب الزكزكة».
ووعد بأن يلاقي «الورقة البيضاء بقلب أبيض ونية صادقة ويد ممدودة للجميع للتعاون المخلص من أجل إنقاذ لبنان»، واعتبر أن جلسة أمس على كل الأهمية المعطاة لها، ليست «سوى المقبلات على مائدة الاستحقاقات التي تنتظر المجلس».
وفي تحذير ضمني لنواب المعارضة دعا جميع النواب والكتل لأن يدركوا حجم «التحديات» الملقاة على عاتقهم، في زمن لن يحظوا فيه بـ «ترف» المناورة، لاسيما أن سلاح «التعطيل» المتوافر بين أيديهم، لن يفضي سوى إلى «جريمة كبرى» بحق الوطن، الذي بات «يحتضر» بشهادة الجميع.
وأضاف: ادعوكم كي نكون جميعا على النحو التالي:
٭ 128 نائبا «نعم» لمجلس نيابي يرسخ مناخات السلم الأهلي والوحدة الوطنية، و128 نائبا «لا» لمجلس يعمق الانقسام بين اللبنانيين ويعيد إنتاج مناخات الاحتراب الداخلي ويوزعهم على محاور الانقسام الطائفي والمذهبي.
٭ لنكن 128 نائبا «نعم» لإنجاز الاستحقاقات الدستورية في موعدها و128 نائبا «لا» للفراغ في أي سلطة.
٭ لنكن 128 نائبا «نعم» جريئة ودون مواربة للانتقال بلبنان من دولة الطوائف والمذاهب والمحاصصة إلى دولة المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص الدولة المدنية.