طالعنا خبر عبر «تويتر» يفيد بأن الشهادة الجامعية لن تكون الطريق الوحيد للحصول على الوظيفة في السعودية، وربما هو خبر يأتي ضمن حزمة أخبار تصلنا عن القرارات الإيجابية المتخذة في المملكة في الآونة الأخيرة كما حصل مع الوافدين الذي يعملون بلا تراخيص ولا إقامات وكيفية ردعهم هناك بشكل جذري، وكما يحصل أيضا في عمل معظم الوزارات وأتمتة أغلب الخدمات فيها.
لا أتصور أن قرارات كهذه تصدر بلا رؤية منهجية لسوق العمل ومخرجات التعليم الحكومي والخاص وحتى مخرجات البعثات الخارجية، سواء في دولة كبيرة مثل السعودية أو أصغر منها كالكويت، والسؤال الذي يطرح نفسه على وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للتخطيط ربما، ما الذي ينتجه لنا النظام التعليمي تجاه سوق العمل العام والخاص؟
بنظرة عامة وشاملة يمكننا استخلاص أن النظام التعليمي يخرج للمجتمع طالبا لديه معلومات بنسخ مكررة، سواء كان تعليما حكوميا فهو يخرج نسخا مكررة من مناهج وزارة التربية، أو تعليما خاصا يخرج لما حمله من معلومات من مناهج أميركية أو بريطانية، ولكن هذا التعليم هل ينتج عنه مؤهلون للقيادة والإدارة والتغيير في المجتمع؟
يجب علينا اليوم وبالتزامن مع نظام عالمي يطرق الأبواب معتمدا على المهارات الفردية والقدرات المكتسبة ذاتيا أن نمنح ذوي القدرات والمهارات فرصا حقيقية خصوصا ممن لم تؤهلهم درجاتهم أو شهاداتهم لوظائف معينة، وأن ننشر وعي التدريب الشخصي على مهارات يحتاجها الفرد في المستقبل لقيادة عمله وعمل دولته أو شركته بغض النظر عما تعطيه الكلية من معلومات ونظريات.
في المدرسة والجامعة لا يمكنك أن تتعلم مهارات الإلقاء والإقناع والتفكير الإبداعي وفلسفة حل المشكلات من خارج الصندوق الاعتيادي، ولا قدرات التعبير والكتابة الذاتية، لا يوجد في المدرسة والجامعة إلا ما هو موجود فعلا على موقع اليوتيوب من كورسات مجانية يستطيع دخولها أي إنسان في أي وقت، ولكن المهارة والقدرة الذاتية التي تعزز فردانيته في المجتمع هذه بيد الطالب نفسه وولي الأمر نفسه حين يقرر أن يستثمر في ابنه، وبعد ذلك وقبله بيد الدولة نفسها حين تضع لهذه العقول والقدرات مكانا في سوق العمل لترى إنجازات مختلفة عما اعتادت أن تراه وتشكو منه غالبا.
التغيير الذي نرغب في رؤيته في الكويت يجب أن يبدأ باستثمار بشري هائل قبل الاستثمارات المالية والنفطية، قبل التفكير في جعل الكويت مركزا ماليا أو دولة سياحية، يجب أن نجعل الكويت ولادة بالطاقات المبدعة التي تجد لها مكانا تخدم فيه بالمستقبل، الاستثمار بالموارد البشرية هو نقطة التحول الحقيقية لكويت جديدة لن تتأثر بنزول سعر البرميل أو سعر صرف الدولار، فالعملة الحقيقية ستكون هي المواطن الخلاق الذي يبتكر الفرص والموارد الأخرى للدولة.