منذ فترة طويلة والدولة تحارب الفساد بكل أشكاله، وقد يعتقد البعض أن الفساد يقتصر على السرقات والرشوة واستغلال النفوذ وحسب، ولكن هناك أوجه كثيرة من الفساد والإضرار بالدولة مسؤولة عنها «نزاهة».
وقد يكون أبرزها ظاهرة توزيع الملخصات على الطلبة للدراسة منها، وعدم الدراسة من الكتب المقررة والمعدة من قبل وزارة التربية، فيتم إبلاغ الطلبة بدراسة عدد معين من الصفحات بها أسئلة ومن هذه الأسئلة يأتي الامتحان، فأصبح الطلبة لا يدرسون من الكتاب ويعتمدون على هذه الملخصات.
أي أن كل المجهود الذي يبذله المعنيون في تأليف وتصميم المناهج يضرب به عرض الحائط، فالطالب الذي يفترض عليه أن يدرس ما يقارب اثنتي عشرة ساعة ليلة الامتحان للتمكن من مراجعة مائتين صفحة كما كان في الماضي أصبح معدل ساعات الدراسة لا يتجاوز الساعتين.
البعض قد يفرح ومن يفرح بهذا الأمر ويجده إيجابيا عذارا فنقول له إنك تعاني من قصور في تفكيرك فالقضية أبعادها أكثر من ذلك فمن يعتمد على الملخصات أي أن المحتوى العلمي والأدبي الذي من المفترض أن يكون قد اكتسبه الطالب من السنة الدراسية لا يوجد وفي المستقبل لن يتمكن هذا الطالب من القيام بأعباء وواجباته الوظيفية وسيصل إلى الجامعة وهو لا يتقن أي لغة لا عربية ولا إنجليزية ولا يجيد المحادثة والكتابة.
وهذا الأمر إذا استمر على هذه الحال ففيه ضرب كبير لمستقبل دولة بأكملها وأجيال ستكبر وتنشأ وهي أمية ليس لديها معرفة ولا تتقن القراءة والكتابة هذا فضلا على المهارات التربوية والعلم الذي من المفترض أن يكتسبه الطالب من المنهج الدراسي.
ونحن في الصحافة نسمع وننقل لكم ما وصل إلينا وما شهدناه في بعض المدارس ويتوجب على وزارة التربية التحرك السريع لإنقاذ أجيال الكويت، وحين نقول أنقذوا أجيال الكويت أي انقذوا الدولة وارتقوا بها وكفانا اتهامات مستمرة بضعف التعليم لدينا وانخفاض مؤشر التعليم بالنسبة لبقية الدول.
فكثيرا ما أثرنا قضية التعليم في مختلف الوسائل ووزارة التربية لا تقصر توفر أفضل المناهج وتطبع بالملايين الكتب الدراسية، ولكن مع الأسف هناك مندسون يحالون ضرب وزارة التربية.
فوزير التربية لا يعلم بكل واردة وشاردة تحدث خلف الكواليس، فنحن من ننقل إليه ومع الأسف غالبا ما تثار قضايا مالية ومهاترات سياسية ويتم تهميش القضايا الحقيقية والضرر الحقيقي الذي قد يصيب الدولة.
وحقيقة، أعرف تماما أن مثل هذه القضية أسعدت الأغلبية، لأن الكل يريد الأسهل لأبنائه حتى يقال إن أبناءه ناجحون بتفوق وهو تفوق زائف وباطل وسيضر بمستقبل بلد بأكمله، فالمتفوق هو من يدرس من الكتاب ويجيب على أي سؤال غريب يأتيه دون مساعدة أو غش هنا في هذه الحالة فليفرح الوالدان بأبنائهما وتفوقهما.
أما أن يتم تهميش الكتاب المدرسي والمنهج المعد وتوزع ملخصات ونقول للطالب ادرس عددا قليلا من الأوراق ومنها لن يخرج الامتحان فهل هذا منطق تربوي أو حتى آلية في التعليم.
أبدا وكل خريجي كليات التربية يعرفون تماما أن هناك طرقا حديثة ومبتكرة للتعليم ووسائل تعليمية متعددة لإيصال المعلومة ليس منها الملخصات وتهميش الكتاب المدرسي.
فكل تربوي يعرف أن الطالب لابد أن يتعلم هو كيف يضع خريطة ذهنية للمنهج تمكنه من التقاط رؤس الأقلام لمحتوى المنهج بأكمله حتى تساعده على التذكر ولكن الملخصات التي تغني الطالب عن المنهج هذه ليست بخريطة ذهنية بل توزيع الامتحان مسبقا.