الحرية حق من حقوق الإنسان الطبيعية ولا يمكن تجزئتها بسبب السن أو اللون أو العقيدة، ولكن ما يقيدها هو عند اصطدامها بحرية الآخرين سواء عن عمد أو عن غير عمد، وقد تكون محاولات تجزئة الحرية بداية النهاية لأي مجتمع مهما كان. ويدخل في ذلك حرية الرأي وحرية الوصول إلى العدالة وحرية البحث العلمي والابتكار وحرية العقيدة، أما من يخلطون بين الحرية وقيم وثوابت المجتمع ويروجون لأفكار شاذة تحت مسميات لا علاقة لها بالحرية فهم أعداء الحرية.
وهناك أمثلة عن مجتمعات تركت حرية الحصول على السلاح دون ضوابط فدفعت الثمن من أطفال المدارس والمراهقين، وهناك مجتمعات تعصف بها الأوبئة والأمراض بسبب حريات روجوا لها عكس الفطرة، أما ما نسمع عنه من آن لآخر عن ارتفاع معدلات التفكك الأسري في بعض المجتمعات فهو من نتائج الفهم الخاطئ للحرية والترويج لها في غير الإطار الصحيح وكأنها بلا ضوابط مثل الممارسات بالكائنات غير البشرية.
إن الحرية الحقيقية تختلف عن ممارسات البشر لها ويجب مراجعتها من وقت لآخر، وإلا ستكون الحياة البشرية مثل الغابة لا يعرف البشر الواجبات قبل الحقوق وستسير إلى طريق الفوضى. ويجب على من يروجون للحرية غير المنضبطة أن يعودوا إلى رشدهم وصوابهم رفقا بالبشرية وعلى العقلاء في أي مجتمع أن تعلو أصواتهم والتنبيه لمفهوم الممارسات الرشيدة للحرية المسؤولة.
إن الحرية هي العمود الفقري لمنظومة الحقوق الإنسانية ولها أبعاد سياسية وقانونية واجتماعية وأخلاقية ولكل شخص حق الاختيار في جميع المجالات، ولكن مسؤوليته كبيرة لأي اختيار يختاره في أي مجال من المجالات، ولكن يجب أن يكون ذلك في حدود قيم وثوابت المجتمع. فالحرية لا يمكن فصلها عن مفهوم المسؤولية، حيث إن المسؤولية عبء شاق، لذلك يجب الالتزام بالحرية المسؤولة والتي تلتزم بالثوابت المجتمعية لأن الحرية ليست إباحة ولكنها مجاهدة للنفس وكدح متواصل من أجل الحصول على المثل العليا.