- الأحمد: مزارع الاتحاد تنتج 200 طن من الألبان يومياً.. و6 شروط لتحقيق الاكتفاء الذاتي
- لدينا 50 مزرعة منها 44 منتجة للحليب تضم 21038 رأساً بها حوالي 9505 بقرات حلابة
- يجب زيادة دعم الحليب الطازج من 80 إلى 200 فلس لليتر الواحد لأنه لم يتغير منذ عام 1979
- القواسمي: ارتفاع أسعار الأعلاف بين 70 و100% بسبب «كورونا» والحرب الأوكرانية
- الصالح: أصحاب مزارع كانوا يرمون أطناناً من الحليب في المجاري لعدم بيعها يومياً
أحمد صابر - عبدالله الراكان
جائحة عالمية، فالحرب الأوكرانية، اضطرابات وصراعات دولية، تداعيات التغيرات المناخية، أزمات لم تأت فرادى، أرخت بظلالها السلبية على مختلف الدول وخاصة في العالم الثالث، وخلقت هواجس قوية من أزمة جوع محتملة قد تكون الأخطر في التاريخ الحديث، صاحبها ارتفاع غير مسبوق في أسعار الغذاء والوقود، وإعلان عدة دول إيقاف تصدير الحبوب والسلع الاستراتيجية. الكويت لم تكن بمنأى عن تلك الأحداث المتسارعة، ورغم الجهود الكبيرة لتأمين الاحتياجات الرئيسية وتنويع مصادر الاستيراد، إلا أنها ليست بعيدة عن «عين العاصفة»، فالأزمة العالمية عطلت سلاسل الإمداد الدولية، مما جدد الحاجة إلى الاعتماد على الذات في تأمين مستلزمات البلاد، وتقديم الدعم الكافي للمنتجات الوطنية والاهتمام بالزراعة والتصنيع المحلي، وخير مثال على ذلك قطاع الألبان الطازجة الذي يمد الكويت بنسبة قليلة من الحليب ومشتقاته وبإمكانه تحقيق الاكتفاء الذاتي، لكنه يواجه تحديات جمة ويحاول تخطي أزماته ومواصلة الإنتاج رغم غياب الدعم اللازم. ونظرا لأهمية الألبان ومشتقاتها كسلع استراتيجية في تحقيق الأمن الغذائي، حيث لا يمكن لأي بيت الاستغناء عنها، ورغبة في تسليط الضوء على حجم الإنتاج والاستهلاك اليومي منها، والوقوف على أوضاع هذا القطاع عن قرب ورصد التحديات التي تواجه مربو «الحلال»، قامت «الأنباء» بجولة في عدد من مزارع منطقة الصليبية لإنتاج الألبان، ووقفت على آراء عدد من المختصين، الذين كشفوا أن استهلاك البلاد اليومي من الألبان ومشتقاتها حوالي 1200 طن يوميا وإنتاج المزارع 200 طن تقريبا أي حوالي 18% من الاستهلاك الكلي، مطالبين بزيادة دعم الحليب من 80 إلى 200 فلس لليتر لأن قيمة الدعم لم تتغير منذ حوالي ربع قرن. وأشاروا إلى أن الكويت من أصعب دول العالم في تربية الأبقار، لافتين إلى أن الأزمة الغذائية الحالية قد تستمر حتى نهاية 2023، وناشدوا الجهات المختصة مساعدة أصحاب المزارع ليتمكنوا من الاستمرار وتحقيق الاكتفاء الذاتي مستقبلا، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، أعلن رئيس اتحاد منتجي الألبان الطازجة عبدالحكيم الأحمد أن استهلاك الكويت اليومي من الألبان ومشتقاتها يبلغ حوالي 1200 طن، مؤكدا أن إنتاج مزارع الاتحاد بحدود 200 طن يوميا أي حوالي 18% من الاستهلاك الكلي، لافتا إلى السعي الدائم وبذل قصارى الجهد لتوفير الأمن الغذائي للبلاد في هذا الجانب. وكشف الأحمد في تصريحات لـ «الأنباء» عن وجود 50 مزرعة تابعة للاتحاد منها 44 منتجة للحليب، وصل عدد الأبقار بها خلال عامي 2021 و2022 إلى 21038 رأسا منها 9505 «حلوب» والبقية حوامل وأخرى من مختلف الأعمار، لافتا إلى أنها انتجت العام الماضي 74515418 ليتر حليب بمتوسط 21.5 ليتر لكل رأس يوميا.
الاكتفاء الذاتي
وقال الأحمد ان الألبان ومشتقاتها منتجات حيوية ومهمة للمواطنين والمقيمين في البلاد، مشيرا إلى وجود منافسة شديدة من «المستورد»، مؤكدا انه يمكن الوصول الى الاكتفاء الذاتي من الحليب بتحقيق عدة شروط منها:
٭ زيادة دعم الحليب من 80 إلى 200 فلس لليتر الواحد لارتفاع تكلفة الإنتاج، فالدعم ثابت منذ 1979 بينما تضاعفت جميع التكاليف.
٭ صرف مستحقات الدعم للمزارع واستمراره طوال العام طبقا لقرار مجلس الوزراء رقم 1537 الخاص بتكليف «المالية» بتدبير الاعتمادات وتلافي التأخير بما يضمن استمرارية العمل في القطاع، حيث إن هناك مستحقات لم تصرف ومنها السنة المالية 2016-2017، و2017-2018، و18% من نوفمبر 2016، و57% من نوفمبر 2017، وفبراير وديسمبر 2016 ويناير وديسمبر 2017، بالاضافة الى يناير وفبراير ومارس 2018.
٭ توفير جميع التحصينات والعناية البيطرية لـ 5 سنوات متواصلة دون انقطاع مع التجديد لمدة مماثلة للسيطرة على الأمراض الوبائية.
٭ الموافقة في أسرع وقت على إقامة معامل للألبان بمزارع الاتحاد لأنها تعد منافذ تسويق وفق الضوابط والشروط الخاصة بذلك.
٭ تخصيص ارض بمساحة 30 كم2 لزراعة البرسيم لمزارع اتحاد منتجي الالبان الطازجة، مما يعد حلا بديلا لزيادة الدعم المالي الخاص بالاعلاف.
٭ النظر في دعم الأعلاف المالئة المستوردة من الخارج «البرسيم والاتبان والسيلاج» لتعويض ارتفاع الأسعار عالميا. وردا على سؤال حول دور «الزراعة» في دعم المنتج المحلي، بين الأحمد ان مجلس الوزراء اصدر قرارا في يوليو 1975 نص على دعم الحليب المنتج محليا بمبلغ 80 فلسا، وكانت حينها أسعار الاعلاف منخفضة وتكلفة الليتر الواحد تتراوح بين 150 و190 فلسا، ونحن الآن في 2022 ومازال الدعم كما هو، مشيرا الى أن التكلفة حاليا من 200 الى 250 فلسا، مرجعا ذلك لعدة أسباب منها ارتفاع أسعار الأعلاف المركزة كالشعير والذرة والنخالة وكسبة الصويا والمواد التي يتم استيرادها من الخارج بنسبة 90%، وكذلك زيادة ثمن سلالات الأبقار عالية الإدرار والنقل والشحن وغيرها.
وذكر الأحمد أن هناك أزمة قائمة بالفعل في إنتاج الألبان الطازجة نتيجة للعوامل سالفة الذكر، لافتا الى ان التهاون في معالجة تلك الإشكاليات سيؤدي بلا شك لعدم وجود منتج وطني يؤمن احتياجات البلاد، مؤكدا أن إنشاء المعامل يسهم بدفع عجلة الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل. وحول سعر ليتر الحليب، أكد انه يورد للشركات بـ 150 فلسا صيفا و120 خلال الشتاء، مبينا انه سعر غير عادل في ظل الظروف الحالية، لافتا الى أن معدل الانتاج المثالي لمزرعة نموذجية 30 ليتر حليب لكل رأس يوميا، مشيرا الى أن سلالات الابقار الموجودة في الكويت معظمها من دول الاتحاد الأوروبي «هولشتاين».
شح عالمي
بدوره، قال مدير عام مزرعة شركة أولاد جاسم الوزان م.رجائي القواسمي لـ «الأنباء»: إن إنتاج الالبان يعد من القطاعات الحساسة والمهمة لتحقيق الأمن الغذائي ودعم الاقتصاد الوطني، مشيرا الى انه بعد جائحة «كورونا» والحرب الروسية - الأوكرانية اتضحت طرق التعامل مع التصدير عالميا، فمعظم الدول باتت تحتفظ بمنتجاتها وتقلل كميات التصدير، وذلك عقب الشح في الغذاء والبروتين العالمي وارتفاع أسعار الاعلاف التي تشكل حوالي 70 الى 75% من تكاليف إنتاج الألبان من 70 إلى 100% مؤخرا وهي في غاية الأهمية لإعاشة الحيوانات.
وأضاف القواسمي: ان كل هذه التحديات تتطلب تدخل الجهات المعنية لحماية القطاع الذي يواجه صعوبات كبيرة حتى نستطيع الاستمرار في الانتاج، مبينا ان الدعم الحكومي لا يغطي تكاليف التغذية والانتاج، بالاضافة إلى قلة المواد الخام الخاصة بالأعلاف، ونعاني من أجل المحافظة على أرواح الحيوانات من درجة الحرارة المرتفعة الى توفير المياه والطاقة الكهربائية خلال الصيف، مؤكدا ان الكويت تعد من أصعب مناطق العالم في تربية الأبقار بسبب طبيعة الجو والتكاليف العالية.
عدالة الدعوم
ونـاشـد الـقـواسـمـي المختصين برفع الدعم قائلا: نبيع ليتر الحليب للمصنع بـ 156 فلسا بالإضافة 80 من الدعم أي 238 فلسا لليتر بينما التكلفة الفعلية من 250 الى 260، مؤكدا انه يجب على الأقل تغطية فرق السعر لتحقيق العدالة في الدعوم، موضحا ان مزارع منطقة الصليبية مستغلة بنسبة 100% في إنتاج الألبان والمساحات المخصصة لها قليلة، ومع ذلك توفر حوالي 20% من الالبان الطازجة وهي نسبة ضئيلة مقارنة بالدول المجاورة التي أصبحت رائدة في هذا المجال، ولو تمت توسعتها فسنتطور كثيرا ونستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي، مشددا على أن الأزمة الغذائية الحالية ستستمر حتى نهاية 2023.
من جانبه، بين مدير مزارع علي النصيب م.حسان الصالح انه يعمل في قطاع إنتاج الالبان منذ 25 عاما، مشيرا الى العقبات الكبير التي تواجههم خلال الفترة الأخيرة خاصة فيما يتعلق بارتفاع أسعار المواشي المستوردة والاعلاف وقلة الدعومات، مشيرا الى أن بيع الحليب لا يغطي تكاليف انتاجه. وزاد الصالح: لم نتسلم مبالغ الدعم المخصصة منذ 4 أشهر، وطالبنا منذ سنوات عبر اتحاد منتجي الالبان بضرورة الإسراع والاستمرار في الصرف بشكل مباشر، لان أصحاب المزارع يدفعون معظم التكاليف من حساباتهم الخاصة.
وطالب بضرورة فتح منافذ تسويقية جديدة للمنتج الوطني ومنحه الأولوية عن غيره في مختلف الجهات، لافتا الى ان المنافسة شديدة في الأسواق بين المحلي والمستورد، وهناك «أصحاب مزارع كانوا يلقون أطنانا من الحليب في المجاري» لعدم تصريفها وبيعها بشكل يومي. وذكر انه ما لم يكن لدينا اكتفاء ذاتي حقيقي من الأعلاف خاصة في ظل تضاعف أسعارها عن طريق توفير المياه والأراضي الفضاء واستصلاحها وزراعتها بتطبيق التجربة الأوروبية في هذا الشأن، فسيكون هناك نقص حاد في المنتج الوطني وسيتوقف الانتاج كليا.
تكنولوجيا حديثة ومتطورة
خلال جولتنا على مزارع منطقة الصليبية لاحظنا تطبيق أحدث التجارب العالمية في مجال تربية الأبقار وإنتاج الحليب من حيث استيراد السلالات عالية الإدرار مرورا باستخدام أجود أنواع الأعلاف في التغذية تبعا للفئات العمرية لرؤوس الماشية، واتباع نظام التطعيم الصناعي للعجلات الأبكار لاستمرار إمداد المزارع بالأبقار الحلوب دون الشراء من الخارج، كما لفت انتباهنا اتباع أفضل أنظمة الجودة والنظافة في أماكن الحلب وتعقيم ضروع الأمهات 3 مرات يوميا، وتخزين المنتج في «تناكي» عبر أنابيب مزودة بفلاتر للتنقية من الشوائب، والوصول إلى منتج آمن بنسبة 100% للمستهلكين.