«باراك أوباما» رئيس الولايات المتحدة الأميركية الأسبق كان أفريقي الأصل (من أب كيني)، وعمدة لندن «صادق خان» باكستاني الأصل، حاصل على الجنسية البريطانية، ووزير الداخلية البريطاني الحالي ساجد جاويد الذي تقلد 4 حقائب وزارية من عائلة باكستانية مهاجرة إلى بريطانيا.
عمر الغبرا وزير النقل الكندي سوري الأصل، ولد في السعودية وتخرج في جامعة دمشق ثم هاجر إلى كندا وأكمل دراسة الماجستير وحصل على الجنسية ثم عين وزيرا فيها.
وأخيرا عزة محمود والتي أدت اليمين الدستورية أول من أمس وزيرة للشباب بأستراليا لتكون أول وزيرة مسلمة في تاريخ أستراليا، من أصول مصرية.
إنها قصص واقعية لأشخاص تقلدوا أعلى المناصب في الدول المتقدمة ديمقراطيا وتنمويا وحضاريا، وصفقنا لهم في وسائل التواصل الاجتماعي لعدم تفرقتهم بين المواطن الأصلي والمواطن المهاجر.
وفي نفس الوقت انطلقت حملة من التنمر والغوغائية والهجوم الشخصي على الكويتية جيهان عبدالحليم عبده، لمجرد تكليفها للقيام بأعمال الوكيل المساعد لشؤون رقابة شؤون التوظيف بديوان الخدمة المدنية، للأمانة لا أعرفها ولم ألتق معها في حياتي، ولكن ما تعرضت له من حملة شعواء وإساءات وتشكيك بالولاء خلال الأيام الماضية جعلني أتعاطف معها ومع أسرتها الكريمة.
هي مواطنة كويتية رغماً عن العنصريين، كفل لها الدستور كل الحقوق وألزمها بكل واجبات المواطنة.
والأغرب والأعجب من ذلك هو استمرار الهجوم والتنمر عليها حتى بعد أن طلبت إعفاءها، لمجرد أنها من أصول مصرية!
والسؤال هنا: ماذا لو كانت الكويتية جيهان عبدالحليم عبده من أصول أوروبية أو أميركية، فهل كانت ستتعرض لما نالته كونها من أصل مصري؟!
والمؤسف أن القضية ليست قضية أصول مصرية فحسب، بل المسألة أكبر من ذلك وتطول الجميع بسبب ما عشناه وغذيناه على مر السنوات من تفريعات وتقسيمات اجتماعية طائفية وقبلية وطبقية، يظن البعض أنها منحتنا الحق في التنمر على كل من يختلف معنا.
المفلس والناقص هو من يقيّم الآخرين على أصولهم وعوائلهم وجنسياتهم، أما الناجحون فهم من يقيمون الآخرين بناء على إمكاناتهم وخبراتهم وكفاءاتهم وكيفية الاستفادة منهم لتطوير بلدانهم ومجتمعاتهم.
إن لم نتعايش مع اختلافاتنا ونتسامى على خلافاتنا ونتقبل غيرنا، ونتعامل مع الإنسان بإنسانيته، فلا طبنا ولا غدا الشر.
الخطاب الفئوي والعنصري النتن الذي لا يؤدي إلا لمزيد من الفساد والتشكيك في ولاءات المواطنين بناء على أصولهم هو خطاب مرفوض اجتماعيا وأخلاقيا وقانونيا ودستوريا.
وختاماً، أدعو المولى عز وجل أن يشافي المرضى بالعنصرية من هذا الداء المزمن.
Al_Derbass@
[email protected]