[email protected]
يقولون العيب من أهل العيب!
وهناك من يقول عمل العيبة!
وآخرون يقولون أوف «إعملت» العيبة!
لغتنا العربية ما شاء الله تأخذك بعيدا في التعريف وإيضاح المعنى، فالعيب اسم مصدر «عاب»، وجمعه «عيوب»، والعيب: وصمة، نقيصة، شائبة، مذمّة، وعورة، والمفعول «معيب»، وعاب عليه فعل كذا: عُد فعله عيبا، وعاب الشيء: جعله معيبا.
عزيزي القارئ الكريم حلِّق معي في (مبتغاي) وما أُريده من التفصيل في كلمة (العيب) التي نعلّمها لأطفالنا منذ الصغر أي حركة عيب!
لا تفعل كذا.. هذا عيب!
لا تلبس مثل هذا.. هذا عيب!
لا تقل.. هذا عيب!
نكبر ويكبرون وأمامهم ماثلة كلمة «العيب»!
راح الزمن الجميل بأهله وتصدر الآن (العيب)، حيث تجده في كل مكان دون رادع من ضمير ولا مستحٍ للأسف!
رسولنا صلى الله عليه وسلم علمنا (السنع)، ومن هو أكملنا أخلاقا وسلوكا، بقوله في حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً..».
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
أحُب مكارم الأخلاق جهدي
وأكره أن أعيب وأن أُعابا
وأعرض عن سباب الناس قولي
وشر الناس من يهوى السبابا
٭ ومضة:
جيل مخضرم تربى على معرفة أبعاد كلمة (العيب) وكل تصرفاته تحكمها هذه الكلمة النظيفة، وأتى الآن جيل لا يرى عيبا في أمور كثيرة لأنه شرعن شعار الغاية تبرر الوسيلة وما عاد هناك عيب للأسف في أمور حياتية عديدة، فكثر الفساد وكثر الفاسدون!
اليوم «أشكرة» التطبيع مع الكيان الصهيوني ليس عيبا!
أخذ الرشوة أصبح «هدية» وغاب معنى «لُعِنَ الراشي والمرتشي»!
المثلية بالإلزام يحاولون فرضها علينا عن طريق «الميديا»!
رحم الله ابن الرومي القائل:
إذا شئت أن تحيا سليما من الأذى
ودينك موفور وعرضك صيِّنُ
لسانك لا تذكر به عورة امرئٍ
فكلك عورات وللناس ألسنُ
وعينك إن أبدت لك معايبا
فصنها وقل يا عين للناس أعينُ
٭ آخر الكلام:
قال تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق..) سورة الأعراف (33).
انظر وتمعن في هذه الأبيات لحسين القاضي:
لا خير في الفن بل لا خير في أدب
إن لم يكن لدى الإنسان وجدانا
فإن رأيت امرأ شهما له قيم
يرى الجميل فقد أبصرت إنسانا
٭ زبدة الحچي:
العيب مفردة من خمسة حروف تتشعب معانيها ولها (حرمة) عند جيلنا المخضرم، فيقولون: واعيباه!
اليوم نظرة في الوطن العربي يبرز فينا هذا البيت من الشعر الذي قاله أحمد شوقي، رحمه الله:
إذا أُصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتما وعويلا
أتفاءل وأقول: الدنيا بخير ما دامت هناك كثرة تعرف (العيب) وتتجنبه، وصدق الشاعر المتنبي:
ولم أرَ في عيوب الناس شيئاً
كنقص القادرين على التمامِ
أي فرد من أفراد المجتمع إذا قال «عيب يا ناس والله عيب»، فهذا يعني أنه وصل إلى مرحلة القرف والغضب.
الرئيس المصري أنور السادات شرع في 1981 قانون العيب لأغراض سياسية بعد تنامي المعارضة ضده، خصوصا بعد انتفاضتي 1977 و1981 وكان هدفه ضبط الشارع وتقليم أظافر معارضيه، لكن (العيب) أصابه في مقتل.
نحمد الله على أننا في الكويت تربينا على (تجنب العيب)، لكن يبقى هناك من يعمل العيب ويمارسه!
في أمان الله..