اتصلت إحدى الأخوات على أحد المشايخ تسأله بفتوى، تقول: أنا يتمت أبنائي، ذات يوم نشب خلاف بسيط بيني وبين زوجي، فقلت له: انت لست برجل.. لو كنت برجل لطلقتني، سآخذ أبنائي منك وأسحبك إلى المحاكم وأحرمك من وجودهم، وأنا أقول بمثل هذا الكلام وهو ينظر إلي ويده على خده دون أن يكلمني أو يرد حتى بكلمة، ومع الحديث مني والتطاول ولم أر منه ردا ذهبت إليه أناديه، فلا يجيبني، حركت يده وإذ به ميت!
صعقت.. اتصلت على الإسعاف، وعندما أتوا قالوا إنه توفي بسبب سكتة قلبية! لم يتحمل كلامي ومات وبسببي يتمت أبنائي!
لا غرابة ولا عجب: النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من قهر الرجال، ولم يستعذ من قهر النساء، فالرجل عندما يقهر يتألم يكبت بداخله وربما لا يعلم أحدا أبدا بما في داخله حتى يقضي عليه تماما دون أن يشعر به أحد.
فمن أقبح النساء وأسوأهم من إذا أحسن معها الرجل وكان لها سندا وعونا وقوة أنكرت فضله بسوء أو خلاف نشب بينهم، سواء هذا الخلاف كان كبيرا أو صغيرا.
فمن يحسن إليك دوما ويسيء لك يوما.. فمن الإحسان والجزاء ألا تنسى إحسانه وتتذكر سوءه!
وكلما كانت صلة القرابة للشخص أقرب كان حفظ المودة لها أكبر وأوجب.. وهذه رسالة من النبي صلى الله عليه وسلم للنساء قال: «أُريتُ النار فإن أكثر أهلها النساء، يكفرن، قيل أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط».
وهذا ليس مقتصرا فقط على النساء، فنكران الجميل والجحد حتى بين الرجال، فهو طبع يكون بالشخص، إما أن يتغلب عليه، وإما أن يغلبه ويتطبع به.
ولكنه إن كان الرسول صلى الله عليه وسلم ذكره في الحديث عن النساء، فهو ظاهر هذا الفعل ومنتشر بين النساء اكثر، كلما كانت صلة القرابة والمودة بين الشخصين أكبر كان إنكار المعروف والإحسان على القلب أوقع وكانت مؤذية أكثر، كالأبناء عندما ينكرون تعب والديهم في تربيتهم ويعقونهما عند كبرهما، وكالزوجة عندما تنكر إحسان زوجها لها، وكالإخوان عندما ينسون الفضل بينهم ويقطعون صلتهم بسبب زلل تافهة.
ليكن في عقل كل شخص أن هذا من عمل الشيطان، الذي يحب أن يتنافر بنو آدم وتسود بينهم العداوة والبغضاء وتقطع الأرحام،
فها هو ابليس يضع عرشه في البحر ويقرب إليه الشيطان الذي يفرق بين الزوجين!
ويجعل من الناس في وقت الخصام ما يتذكر كل أحد عن الآخر أسوأ ما فيه وينسى ما به كل جميل..
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم»، فالله عندما أمر بالصبر والتجاوز والعفو لبقاء المودة بين الناس، فالناس مبنية علاقتهم على الجحود والكفران، فأعظم طريقة في حل الخلافات (ولا تنسوا الفضل بينكم)،
فلا تنسوا من قدم لكم المعروف يوما ابدا سواء كان هذا الشخص غريبا او قريبا.
قال ﷺ: «من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه».
فهذا خلق النبلاء، والأوفياء لا ينسون من احسن إليهم، ولو أصبحت مودتهم مع احدهم عداوة!
Y_Alotaibii@
[email protected]