- بدر محارب: إذا كان العمل تمت إجازته من قبل الرقابة فكيف تتم محاكمته؟
- المحامية ابتسام العنزي: الفن يؤثر بالسلب أو بالإيجاب على المجتمع ككل
- د.خضر البارون: المجتمع تأخذه الحمية على وطنه والبعض من أجل الشهرة
تحقيق - سماح جمال
هل الفن والإبداع مجرد أداتين للترفيه، أم إنهما يتمتعان بقوة تأثير واضحة على المجتمع لدرجة قد تشكل صورته أمام العالم؟ وهل اليوم ما زال البعض يجد ساحات المحاكم والقضاء الخيار الأفضل لإبراز اعتراضه على العمل الفني ومضمونه؟ ولماذا تتعرض الأعمال الفنية للرقابة قبل تصويرها وعرضها إذا كانت ستؤخذ
إلى ساحات المحاكم في حال تم الاعتراض على مضمونها بعد عرضها؟، وإذا كانت بعض الأعمال تعرضت في السابق لمثل هذه الدعوات ومنعت من العرض
أو أوقفت وتم تطبيق غرامات وصدرت أحكام قضائية على الفنانين، فهل من الممكن في عصر الانفتاح والتواصل العالمي أن نرى مطالبات بمنع عرض أعمال
أو حجب منصات إلكترونية ودعوات تصل إلى المحاكم تطالب بمحاسبة الأعمال الفنية بعد عرضها؟
«الفن وساحات المحاكم إلى أين؟» موضوع ناقشته «الأنباء» من النواحي القانونية والنفسية والفنية، وفيما يلي التفاصيل:
تحدث الكاتب بدر محارب، فقال: الفن وسيلة من وسائل التعبير، ويجب على المبدع أن يعبر عن رأيه بطريقة مبدعة، وقد لا يتفق معه ولكن الحل ليس بمحاكمة العمل وصناعه، إلا إذ كانت هناك حالة من التعدي على القانون والتي تسببت في الإضرار بشخص ما، ولكن المعضلة هنا إذا كان العمل تمت إجازته من قبل الرقابة، فكيف تتم محاكمته في المحاكم ومن قبل القضاء؟ أعتقد أنه علينا أن نختار إحداهما للحكم على العمل الفني وليس كلاهما.
وعن رأيه في أن البعض يدفع باللجوء إلى القضاء لأن العمل الفني خالف واقع المجتمع، قال محارب: علينا أن نتفق على أن العمل الفني ليس من واجبه أن يقدم واقع المجتمع، وعلينا أن نتفق أن واقع المجتمع يختلف من منطقة أو من طبقة اجتماعية إلى أخرى، وبالتبعية تختلف العادات والتقاليد فلا يوجد شخص واحد قد يمثل كل المجتمع.
وتابع محارب، قائلا: لو نظرنا للأمر من ناحية أن ما يقدم في النهاية هو فكر، فلماذا يتم منعه، ولماذا لا نواجه الفكر بالفكر ونناقشه فنحن في دولة الحريات والدستور كفل حق الحرية والتعبير، باستثناء الحالات التي قد تؤثر على اسم عائلة بعينها، فهنا يجب اللجوء إلى القضاء، ولكن في ذات الوقت لا أريد أن أتعرض لسجن لمدة 5 سنوات بسبب نص كتبته.
وكيف وجد قرار القضاء الكويتي بعدم منع منصة «نتفليكس»، فقال: شخصيا أرى هذا الحكم كان انتصارا للحريات، لأنه إذا نظرنا لهذه المنصة فمشاهدتها مرتبطة بقرار الشخص من خلال الاشتراك فيها من عدمه، وعلى سبيل المثال هناك منصة «ديزني» التي باتت متاحة اليوم في الدول العربية لن أشترك فيها لأن أجندتها في دعم المثلية الجنسية تخالف قناعاتي، وبالتالي فقرار المنع كان شخصيا لعدم مناسبتها لتوجهاتي.
أما من الناحية النفسية، فتحدث أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د.خضر البارون قائلا: المجتمع الكويتي تأخذه الحمية على وطنه ولا يقبل بأن يتم تناوله بصورة قد تظهر النماذج السيئة في المجتمع، والبعض قد يختار اللجوء إلى القضاء لمنع أو إيقاف هذا العمل الفني ليدافع عن العادات والتقاليد، وهناك البعض قد يأخذ هذا التوجه فقط من أجل الشهرة.
وتابع البارون: عندما أتكلم عن عيوب لا يجوز أن ننشرها ونتحدث عنها، وحتى ديننا حثنا على الستر وعدم الفضح والكشف عن هذه العيوب والمشاكل قد يجعلها تنتشر وإذا كان من لا ينتبه لوجودها في المجتمع قد ينتبه لها ويتبعها كالرشوة أو تعاطي المخدرات، ومن هنا يكون هذا التوجه من خوف الناس من انتشار هذه الخطيئة في المجتمع.
من جانبها، تحدثت المحامية ابتسام العنزي عن خضوع العمل لرقابة والمحاكم، فقالت: الرقابة وضعت لمراقبة العمل الفني قبل عرضه لضمان غياب التجاوزات في العمل الفني، ولكن في حال وجدت تجاوزات في العمل فمن الممكن مقاضاة العمل الفني، فالرقابة لا تعتبر هي المرحلة الأخيرة في مراقبة العمل الفني.
وأضافت: إذا كان العمل الفني بحكم النصوص القانونية، من الممكن أن يؤثر على صورة الدولة، وقالت: الفنون هي إفراز لثقافة المجتمع ومن ثم فإن ثقافة المجتمع هي المرآة لهذه الفنون، فالعلاقة التبادلية بين الفنون كقيمة ثقافية تطرح على العامة وبين عموم المجتمع كتجسيد حي متفاعل مع هذه القيم والفن هو ما يؤثر على المجتمع، ولهذا فالفن يؤثر بالسلب أو بالإيجاب على المجتمع.
وعن إمكانية حجب المنصات الإلكترونية لتقديمها أعمالا فنية تتعارض مع القناعات المجتمعية، قالت: إذا كانت المنصة خارج الكويت لا يمكن حجبها، حيث لا تخضع لقوانين ولوائح الكويت، ولهذا عندما رفعت دعوى قضائية ضد منصة «نتفليكس» أمام القضاء الكويتي وصدر فيها حكم برفض الدعوى لعدم توافر الصفحة والمصلحة، بالإضافة إلى كونها غير إجبارية على المواطن، والاشتراك فيها اختياري.
وأكدت العنزي أن مقاضاة العمل الفني هو حق للمواطن العادي في حال تعرض العمل الفني لحياة المواطن الخاصة أو تناولت حياة أسرته، وحتى لو تناول أعمال مهنة فنية مثل المحاماة أو الطب بصورة مسيئة.
وأوضحت العنزي أن القوانين وضعت كذلك لحماية المبدع وإبداعه، وقالت: المبدع حريته ليست لها حدود تقف عندها، ولو كانت لها حرية لما كان إبداعا في الأساس، ولكنها في ذات الوقت يجب ألا تتعارض مع العادات والتقاليد في المجتمع.