اختلفت الأساليب والغش واحد، والنتائج كارثية!
الغش، ثقافة انتشرت في مجتمعنا، كانت تمارس سرا وأصبحت مكشوفة وعلنية، جعلتنا نعيش اليوم بين أزمتين، أزمة تعليمية وأخرى أخلاقية، الأزمة الأولى انتجت لنا أجيالا شبه «أميين» بالكاد يقرأون ويكتبون.
خرجت أجيالا لا يفهمون المقصود من جملة ما، ولا كيف يحلون أبسط مسألة حسابية.
أجيالا لا يعرف كثير من أفرادها كيف يكتبون أسماءهم. أجيالا تكتب باللهجة العامية -مع البدليات. أجيالا لا تعرف قيمة المعلم، ولا العلم، ولا قيمة الكتاب.
أجيالا جوفاء، كلفت الأزمة التعليمية- والتي سببها الرئيسي مسؤولو التعليم والحكومة- المليارات والنتائج مخيبة للآمال، أطفالا بلا تعليم ولا حصيلة ثقافية، والكارثة الكبرى أن أغلبية الأطفال والمراهقين (الغشاشين) الذي تخرجوا، درجاتهم تصل إلى 100% وبمستوى الامتياز!
وصل الغش لمراحل احترافية بمساعدة أولياء الأمور والنظام التعليمي الضعيف، الذي دمر المعلم والطالب وولي الأمر، ولكن السؤال، كيف سينجح هذا الطالب (الأمي) في حياته، وفي دراساته العليا، وكيف نثق به وبغيره مستقبلا وأرواحنا ومصيرنا بين ايديهم، كيف سنثق بهم في الأمور الحياتية وفي أمور الهندسة والاقتصاد وأموالنا تحت تصرفاتهم، هدرت هذه المليارات على طلبة يعرفون كيف يغشون أكثر من معرفتهم كيف يتعلمون، ثم يفشلون، فتقوم الحكومة بالتعاقد مع متخصصين من الخارج، حتى أصبحنا أمام كارثة أخرى، بطالة وتكدس عمالة وطنية، وارتفاع في نسبة العمالة الأجنبية، أي مشكلة تركيبة سكانية جديدة إضافة للمشاكل التي لا يسعنا ذكرها!
الأزمة الثانية، وهي الكارثة الأخلاقية التي أصبحت من - العادات والتقاليد الحديثة - فقد استبيح الغش على العلن، حتى اصبح الطالب - بمساعدة ذويه - يتعلم احدث طرق الغش والتزوير والنصب منذ صغره، يتخرج بلا شهادة تعليمية حقيقية، بل شهادة عليا بالنصب والغش والخداع مع مرتبة الشرف، وهذا الصغير الذي سيصبح مسؤولا في المستقبل، كيف سيحلل ويحرم ويمنع الفساد من التفشي وهو نجح ثم عين من الأساس بالغش وفي منصب غير مستحق؟
ألم نتساءل عن مصيرهم ومصيرنا جميعا ومصير المجتمع ككل؟ والبعض منهم يعتقدون أن غشهم إنجاز، بل ويتباهون بذلك!
تقدمت الدول وعدتنا سنوات في العلم والأخلاق، ونحن - في أغنى دول العالم - نعاني من الجهل وكل هذه الأمور اللاأخلاقية.
نحن لا نتحدث عن طالب، ولا عن أسرة واحدة، بل ثقافة مجتمعية بحاجة لاستئصال، علما بأن الأوان قد فات، ولكن لربما نحل جزء من هذه الثقافة السلبية بتشديد العقوبات، وتجريم هذه السلوكيات وتحويلهم للمحاكمة، وتنظيم العمل ووضع حلول جذرية لها لإصلاحها.
بالقلم الأحمر: لا يوجد أخطر من جاهل يملك سلطة!
AljaziAlsenafi@