الصناعات الثقافية والإبداعية، باتت أبرز الحلول الخلاقة لتنويع الاقتصاد ومن أبرز تحديات المستقبل، أحد اهم الأصول في الاقتصاد الجديد الذي يقوم على استغلال الأصول الإبداعية التي يمكن أن تولد النمو الاقتصادي، وتقود إلى التنمية الاقتصادية، ما يؤدي في النهاية للوصول إلى التنمية المستدامة.
فهي تدير ثروات كامنة في العقول، وفي إمكانات الشعوب، كما هو الحال في الفنون، والحرف، والثقافة، وكذلك في البرمجيات (الذكاء الاصطناعي)، والإعلام، والتراث، وسائر القطاعات التي يكون فيها الموهوبون أبطالا، ويكون الإبداع رأس المال الحقيقي.
كثير من المشكلات البيئية، والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لها بعد ثقافي في جذورها يتمثل في البشر وممارساتهم، لكنها لن تحقق أهدافها المرجوة دون تضمين الثقافة بمعناها الواسع، والفنون في قلبها، ودون أن يضع صانعو السياسات الثقافة نصب أعينهم كعنصر فاعل يحدث فرقا في التخطيط والتنفيذ والنتائج.
عملية صناعة جيل ذكي ومبدع تتطلب الإنتاجية في توليد الخيال وبرأيي انه أهم من المعرفة، فالمعرفة محدودة ضمن إطار ما نعرفه في الوقت الحاضر وما نفهمه من العملية التعليمية، فيما الخيال يحتوي على العالم كله وكل ما سيتم معرفته في الحاضر أو المستقبل.
كما أن الاتجاه المستقبلي للصناعات الثقافية والابداعية يكمن في تحفيز الخيال لأفراد المجتمع الذي يعتبر المادة الخام للإبداع.
نمتلك الموارد اللازمة والموارد البشرية والكفاءات، والعقول لنرفع من سقف طموحنا في مساهمة الصناعات الثقافية والإبداعية كمورد اقتصادي، ونمتلك دافعا أكثر أهمية من العائد الربحي وهو إبراز هويتنا، والحفاظ عليها، وتعريف المجتمعات، والثقافات بمكوناتها، وعناصرها، وخصوصيتها.
على مؤسساتنا الحكومية الإيمان بالإبداع والعمل على حوكمة الاقتصاد الإبداعي، لضمان التوازن بين الهوية الوطنية والأمن الثقافي، وبناء المدن والمناطق الحضارية، إذ إن إنشاء بيئة حضرية تمكن وتحفز المعرفة والابتكار والإبداع أمر مهم ومؤثر للغاية، وتأسيس مؤشر الاستدامة الإبداعية، وإعادة بناء نسيج المجتمع والاندماج الاجتماعي، لتحقيق التمكين الفردي والمجتمعي، فالشركات الإبداعية تعتمد بشكل أساسي على المهارات والفن، ولا تعتمد على رأس المال.
كلما ارتفعت الكفاءة الابداعية من منطلق إنتاجي، ارتفعت قيمة المخرجات الفنية بالتوازي مع حجم الاستهلاك، مثل الاقتصاد التجاري من حيث ضرورة أن يتوازن مقدار الإنتاج مع جودته، وغالبا ما تبرز هذه المنتجات الاقتصادية من رحم المبادرات التنافسية.
الثقافة هي المادة الخام، والإبداع يتلخص بالاستراتيجية الصناعية التي هي محور الاقتصاد، الاقتصاد الإبداعي هو رابع قطاع اقتصادي في العالم يقوم على الاستثمار في رأس المال الفكري والمعرفي، الذي قد لا يكون موثقا، ولكنه مخزون في عقول أفراد المجتمع.
خسرنا كثيرا من الفرص نتيجة التفكير المتشدد التقليدي داخل تابوهات بآلية عفى عليها الزمن تعرقل جهود أي فكر إنساني للتطور، وإهمالنا لدعوات التفكير خارج السياق والاستفادة من المبدعين والمبتكرين، ومن ثم لا يستطيع الإنسان أن يتطور إذا لم يجرب شيئا غير معتاد عليه.
لكن الوقت مازال موجودا ما دام العقل قادرا على التفكير والإبداع، الوقت مازال متاحا ما دام الإنسان يعيش على وجه الأرض، يستفيد من خيراتها، ويواجه مخاطرها.
عز الكلام:
ليس هناك أكثر من خمسة ألوان أساسية، ولكن مزجها يعطينا ألوانا اكثر مما يمكن رؤيتها، الرؤية من دون تنفيذ مجرد حلم، والتنفيذ من دون رؤية مجرد مضيعة للوقت، أما الرؤية والتنفيذ مجتمعان، فيمكن أن يغيرا العالم.
[email protected]
Nesaimallewan