ما جرى تحت قبة عبدالله السالم من إصدار مجلس الأمة قانونا لصرف منحة مالية قدرها 3 آلاف دينار فقط لكل مواطن متقاعد إجحاف كبير بحق هذه الشريحة التي أفنت 30 عاما وأكثر من عمرها في خدمة البلاد، وكل متقاعد في رأيي يقبل بما جرى يظلم نفسه وأبناءه وأسرته ويظلم وطنه.
لا أريد قتل الفرحة في نفوس المتقاعدين، فالمنحة التي طال انتظارها، وتعطلت كثيرا بسبب الصراع الدائر بين الحكومة والنواب هي هدية من صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد - حفظهما الله ورعاهما - لدعم هذه الشريحة في ظل ارتفاع الأسعار ولا تحتاج إلى قانون لإقرارها.
متى كان الحق بحاجة إلى قانون، فهذه الأموال التي هي 600 مليون دينار حق أصيل لنحو 160 ألف متقاعد يشكلون نحو 17% من المواطنين، ولكن المفاجأة هي إلزام الحكومة بدفع ما لا يقل عن 500 مليون دينار من الخزانة العامة سنويا لسداد العجز الاكتواري لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، اعتبارا من أول أبريل ولحين سداد كامل العجز.
ما أتعجب منه هنا أن «التأمينات» مؤسسة حكومية ناجحة بحسب تصريحات مسؤوليها، تعمل على تطوير مشاريع استثمارية يخصص جزء من أرباحها للمتقاعدين، وقد ارتفعت قيمة أصول المحفظة الاستثمارية للمؤسسة في السنة المالية 2020-2021 بنسبة 21% مقارنة بالعام السابق، فمن أين جاء العجز الاكتواري الذي صرح به وزير المالية أمام المجلس في مارس والذي سيصل إلى 50 مليار دينار إذا لم يتم إصلاحها، وأما المؤسسة فذكرت أن نتائج آخر فحص للمركز المالي للمؤسسة كما في 31/3/2016 أظهر عجزا للمجموعة المغلقة أوصى الخبراء بسداده ومقداره 17.3 مليار دينار، وأدى عدم سداد هذا العجز إلى تفاقمه نتيجة فقدان الفرصة البديلة لاستثمار هذه الأموال ليصبح 24 مليار دينار كما في 31 مارس الماضي.
لماذا لم يتم السداد طوال السنوات الماضية؟!
هذه المؤسسة ربحية تستثمر في أموال المتقاعدين والتي استقطعت منهم خلال ممارسة أعمالهم، وما يتم بين المتقاعد والمؤسسة عقد ثنائي لا علاقة للسلطتين به، ولا يحتاج إلى قانون لمنحهم حقوقهم.
هناك تصريحات من فهد المناور بأنه لا يوجد عجز اكتواري لـ 100 سنة، فمتى جاء هذا العجز؟ وأين ديوان المحاسبة مما يجري؟ من حق المتقاعدين معرفة مصير أموالهم، وتحديد المسؤول عن هذا العجز كما صرحت المؤسسة والذي يزداد ويتضخم، فهل نحن أمام أزمة ثقة، أم أزمة إدارة؟!
ارفعوا أيديكم عن حقوق المتقاعدين، وأسندوا إدارة المؤسسات الحكومية إلى الأكفاء، فالبلد لا ينقصه إلا الإداريون الناجحون، فالمتقاعدون وغيرهم يبحثون عن حقوقهم وليسوا بحاجة إلى قوانين لإنصافهم، فلو أننا استثمرنا بالشكل الصحيح لما اعتمدنا على النفط.. ولما وصلنا إلى هذه الحال.