هل من الممكن وسط هذه الصراعات والتحالفات العالمية أن تطرح فكرة إنشاء ناتو عربي لتطوير التحالفات وتعزيز العلاقات بين الدول العربية ذات القدرات العسكرية، كي يملأ الفراغ لاتفاقيات الدفاع العربي المشترك والكيانات العربية المرتبطة بجامعة الدول العربية ومن بينها الهيئة العربية للتصنيع.
أم أن التحالفات في المنطقة لم تترك مساحة للتفكير في ناتو عربي، حيث إن التحالفات متباينة ومختلفة، بل إنها تحمل تناقضات مختلفة بين دول عربية ودول من خارج المجموعات العربية وقد تقوض مثل تلك التحالفات علاقات وثوابت بين الدول العربية. ومن غير المنطقي أن نحمل الآن جامعة الدول العربية أي مهام تتعلق بإنشاء ناتو عربي دون تحديد بوضوح حدود العلاقات العربية الدفاعية في عالم ترتفع فيه التحالفات العسكرية والمواقف من الصراعات العسكرية وتتوارى علاقات التنمية والاقتصاد والأمن الغذائي والتجارة وغيرها من أبواب العلاقات غير العسكرية.
إن العقول العربية قد أصبحت هدفا للتحركات العالمية لما تتمتع به من مصادر الطاقة وعوامل القوة في أي نظام عالمي مهما كانت تحالفاته، إذ ينبغي عليها أن تكون روافد للأفكار لأصحاب القرار ومنابع للمبادرات وليست مجرد مراكز سطحية لا تقوم بالقراءة والتحليل.
إن ما نريده هو ناتو عربي أو تحالف تنموي أو استنساخ تنموي للناتو وليس عسكريا للناتو، فقد دفعت شعوبنا الكثير، وهناك صفحات لم يكشف عنها بعد عن استعانة بعض الأنظمة العربية بحلف الناتو لتنفيذ أغراض عسكرية في دول أخرى.
إننا بحاجة إلى ناتو للتنمية والسلام وليس للحرب وأن يكون انطلاقا من مؤشرات التنمية التي يبدو أنها لا تتم قراءتها كما ينبغي لأن مؤشرات الوعي والقراءة والكتابة دون المستوى. وأصدق مثال على ذلك مؤشرات الصحة والتعليم وتمكين المرأة والأمن الغذائي والتي يتم التعامل معها من مقاعد المتفرجين.
وكذلك إننا بحاجة إلى تحالفات ضد الفقر وضد عدم المساواة وضد عدم العدالة لتحقيق التنمية الشاملة التي نتطلع إليها جميعا.