كنت متوقفا عند إشارة المرور القريبة من مقر عملي، بعد يوم متعب وطويل، عندما كان سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله يلقي خطابه التاريخي.
وربما هي المرة الأولى التي تمنيت ألا يتحول لون الإشارة الضوئية إلى الأخضر، لأنني كنت مركزا ومشدودا في الاستماع للخطاب، ولا ارغب في تشتيت ذهني في قيادة السيارة، لأننا انتظرنا سنوات مثل هذا الخطاب الذي جاء ككأس الماء البارد الذي روى عطش السنين!
وما ان أعلن سمو ولي العهد عن العزم بحل مجلس الأمة خلال أشهر وبعد مراعاة الترتيبات القانونية، وجدت نفسي بشكل لاإرادي أصفق وأنا في سيارتي بكل قوة وألوح بقبضتي ابتهاجا بما جاء في بيان الحزم والحسم.
وعندما تحول ضوء إشارة المرور إلى اللون الأخضر، وانطلقت وكان الخطاب قد انتهى، حسبت نفسي لا أسير في الشارع مثل كل مرة أعود من عملي إلى المنزل، بل كأنني طاير من شدة السعادة والفرح.
ولم تتوقف الرسائل والاتصالات التي تبارك هذا الحدث البهيج حتى ساعات متأخرة من الليل.
ما حدث باختصار شديد هو إيقاف نزيف الجرح، وإعلان انتهاء حقبة فشلت في إدارة المشهد السياسي، رغم توافر الدعم والتسهيلات للنجاح.
ولكن بدلا من أن تسخر تلك الإمكانات للعمل على التنمية والإصلاح، انتشر الفساد والإفساد والفشل في كل أرجاء البلاد.
وتفرغت لشراء الولاءات، ووسائل الإعلام المأجورة والتواصل الاجتماعي المؤثرة، وتصفية الحسابات مع الخصوم، وانعدام الأخلاق والحياء السياسي، والتهديد والترهيب الإداري والمالي وأحيانا الأمني.
وعندما نستخرج كشف حساب، ونسرد المغالطات والمخالفات اللائحية والقانونية والدستورية لفترة 2012 حتى 2022 سوف نحتاج إلى سجلات ما يشيلها البعارين!
شاهدنا الشريف يتهم في ذمته، والعفيف تنتهك حرمة بيته، والوضيع يعلو ويصعد، ويذل أهل الكفاءة والثقة ويتم تخوينهم، وإزهاق الكرامات وانتشار الإساءات، وسرقت الأحلام وضياع الآمال، وتهجر الإنسان، وصرنا أغرابا في وطننا.
وكم من مواطن ومواطنة قالوا في صدورهم حسبنا الله ونعم الوكيل بسبب ظلم ومحسوبية تسبب بها ذو النفوذ في هذه الحقبة.
كان اليأس قد بلغ مبلغا كبيرا، ولكن نحمد الله أن لدينا قيادة وسلطة تشعر بما يعاني منه الشعب.
وبعد طول انتظار، وبعد موجة من المعارضة، وحراك شعبي وبرلماني واعتصامات داخل البرلمان، وفي الدواوين وساحة الإرادة، جاء الفرج واعلن عن الحسم والحزم من أولي العزم، عبر الخطاب التاريخي الذي وضع النقاط فوق الحروف وأنهى حالة الضياع.
واستجابت السلطة لآهات الأمة وصوت الشعب، بعد أن بلغ منا هذا الأمر مبلغه، واستقبل الشرفاء من أهل الكويت خطاب سمو ولي العهد بالتباريك وإيجابية وسعادة، بينما وقع الخطاب على آخرين كالرمح في صدورهم!
شكرا وعرفانا لسمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله، وإلى عضده سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، على إعطاء بارقة أمل وإضاءة النور في آخر النفق المظلم الذي نعيش به.
نعم.. مر عقد من الزمن، يعادل 10 سنوات مضت، منذ مجلس فبراير 2012 وخاضت الكويت العديد من التجارب والأحداث التي لا شك أننا تعلمنا منها الدروس والعبر، وأتمنى ألا تتكرر، وإلا «لا طبنا ولا غدا الشر»!
[email protected]