«فاز باللذات من كان جسورا».. مقولة يؤمن بها كل مغامر، يسعى لتحقيق ذاته مهما كانت التحديات، ولهذا لن يذهلك من يطمح إلى تحويل الدينار إلى مليون، ومن يجعل من فكرة بسيطة شركة كبيرة، محليا وإقليميا.
لم يفعلها خالد العتيبي مرة واحدة، بل فعلها أكثر من مرة، فهو أحد مؤسسي «طلبات» الموقع الأول لتوصيل الطعام في الكويت ومستثمر رئيسي في تطبيقات «فلاورد» لتوزيع الورود والهدايا والحسبة العقارية وموقع OOGOO أول تطبيق ذكي يحسب قيمة سيارتك في ثوان، ومالك شركة تريند للحلول المتكاملة الحاسوبية.
كيف تحولت فكرة طالب جامعي إلى شركة بدأت برأسمال لا يتجاوز 4 آلاف دينار، إلى شركة كبرى، تشتريها شركة عالمية بـ 50 مليون دينار؟ وهل هذا النجاح قابل للتكرار مع مبادرات أخرى؟ للوقوف على تفاصيل وأصل الحكاية، حل العتيبي ضيفا على برنامج «Let’s Talk Business»، الذي يقدمه نائب مدير عام وحدة البحوث الاقتصادية في بنك الخليج طارق الصالح.
استعرض العتيبي رحلة تأسيس شركة طلبات في عام 2004، بالشراكة مع زملائه الطلاب حينها زيد اللهيب ومحمد الرومي وعبدالوهاب القطامي، قائلا: «كنا نجتمع سنويا في الصيف، حين نعود إلى الكويت، وفي حال سفر الأهل، تواجهنا مصاعب طلب وجبات الطعام من المطاعم، وليس لدينا إلا الاتصال بالتلفون، وفي هذا الوقت كان الإنترنت هبة جديدة، ولهذا فكرنا.. لماذا لا نستفيد منه في حل تلك المشكلة؟
بدأنا بالبحث في التجارب السابقة، واطلعنا على التجارب المطبقة في أميركا وبريطانيا وإيطاليا ومصر، وباشرنا بجهودنا الذاتية في تحويل الفكرة إلى مشروع، ولتوفير المصروفات كنا نعمل بأيدينا، أجرنا ملحقا صغيرا في ميدان حولي، وشرعنا في الحديث مع المطاعم، وكانت نظرة الكثيرين المبدئية أن المشروع فاشل، لكن هذا لم يثنِنا عن المضي قدما.
ويقول العتيبي: لأن التسويق كان مهمتي، قدمت عرضا لسلسلة مطاعم «فرنشايز» كبيرة، لتجربة خدماتنا مجانا لمدة 6 أشهر، وساهم هذا العقد في جذب مطاعم أخرى، لاسيما بعد أن جدد عقدا مدفوعا في نهاية المدة.
وأضاف: كنا وقتها نحول الطلبات التي نتلقاها على الموقع إلى فاكس نرسله للمطعم، بل ونتصل على المطعم للتأكد من تسلمهم الطلب، ومتابعته للوصول إلى العميل، ومع الوقت بدأ عدد الطلبات يتزايد، وعدد المطاعم على موقعنا يرتفع.
وأشار العتيبي إلى أن أول حساب بنكي للشركة كان في بنك الخليج، ومنذ ذلك اليوم لم ينقطع دعم «الخليج» عن المبادرين، والدليل استضافتهم في برنامج «Let›s Talk Business».
صعوبات التأسيس
وحول صعوبات التأسيس، قال العتيبي: واجهتنا 3 عقبات رئيسية وقتها إقناع المطاعم بجدوى المشروع، وإقناع المستهلك باستخدامه، لاسيما أن ثقافة العميل حينها لم تكن مثل اليوم في دفع رسوم التوصيل، فضلا عن عدم وجود تراخيص حينها لشركات الـ «أونلاين»، إلى جانب صعوبة استقدام الموظفين.
وأضاف: بعد 3 سنوات من التأسيس طرقت أبوابنا إحدى الشركات بعرض لشراء «طلبات» بقيمة 90 ألف دينار، وكان هذا بالنسبة لنا نجاحا كبيرا، ومبلغا كبيرا مقابل ما دفعناه، وحينها عرضت عليهم الشراء بمبلغ 100 ألف دينار، وكانت فرصة للاستدخال كوني أملك 25%، وأريد لها أن تكبر وتحقق المزيد من النجاح، ولهذا أول خطوة لي كانت التوسع إلى السوق السعودي عام 2007.
بعدها بسنة واحدة تلقيت عرضا من الصديقين بشر البشر وعبدالعزيز اللوغاني لشراء الشركة بـ 360 ألف دينار، هذه المرة قبلت البيع، مع الاحتفاظ بنسبة 10%، ففي هذا الوقت كانت الأوضاع الاقتصادية مريبة، بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008، إذ كانت بورصة الكويت تنزل باليوم الواحد 500 نقطة.
بعد سنتين أو ثلاث، دخل محمد جعفر بصفقة بلغت 850 ألف دينار تقريبا، وكان لاعبا من نوع مختلف، نقل الشركة من مرحلة الهواة إلى الاحترافية، إذ كان يمتلك نظرة أكبر للتوسع والتطوير، حيث بلغت مصروفاته عليها نحو مليوني دينار تقريبا.
وقال العتيبي «طلبات» ليست قصة مؤسسين، بل قصة كويتية، فهي فكرة طلاب، لم يكن مطلوب منهم وقتها أكثر من التركيز على دراستهم، لتصبح أحد أكبر الشركات في المنطقة ويتم الاستحواذ عليها من شركة عالمية بـ 50 مليون دينار.
«فلاورد»
استعرض العتيبي تجربة الاستثمار في شركة فلاورد، احدى أكبر شركات توصيل الزهور والهدايات في المنطقة، مشيرا إلى أنها بدأت في الوقت نفسه تقريبا تحت اسم «كيو8 فلاور» وكانت فكرة جبارة، من صاحبها خالد البدر، والذي حقق فيها نجاحات كبيرة، وتقدم عبدالعزيز اللوغاني، بعرض للاستحواذ على 90% من الشركة مع مستثمرين كنت واحدا منهم، وتوليت إعادة هيكلة الاسم التجاري وأسميتها فلاورد (فلاور+ورد)، وتحديث التطبيق وأدخلنا منتجات أخرى مع الورد.
تطبيق «الحسبة»
وعن تطبيق الحسبة الذي بدأ عام 2019، قال العتيبي انه تطبيق عقاري مبتكر، يستهدف تقديم خدمات عقارية مميزة بشكل شفاف، يجعل من السهل الوصول إلى المعلومات والبيانات والتحليلات المتعلقة بالسوق وهو ما يفتقده السوق العقاري بشكل كبير، وفي نفس الوقت يعطي العميل دراسات عقارية وتقييما عادلا لبيته خلال ثوان.
وبالشراكة مع أحمد اللهيب تم إطلاق التطبيق، الذي أصبح له حضور كبير في السوق، ويمتلك قاعدة بيانات ضخمة عن كل العقارات التي تم بيعها في الكويت منذ عام 2010، فضلا عن التغطية الشاملة لكل المزادات في الكويت.
تطبيق Oogoo
وفيما يخص تطبيق Oogoo، قال العتيبي: وجدنا سوق السيارات في الكويت فيه «شريطية»، يشتري السيارة لإعادة بيعها، متسائلا: هل من العدل أن من يسعر السيارة هو من يشتريها؟ لابد من وجود جهة محايدة تسعر السيارة ومن هنا جاءت فكرة المشروع.
وأضاف: الوسيط مهم ولكن عليك أن تتفاوض ومعاك سعر عادل، ويتيح التطبيق للعملاء خدمات كثيرة من البيع بشكل مباشر بإعلان أو بشكل مباشر.
كلمة أخيرة
واختتم: الكويت ما زالت متعطشة لمشاريع كثيرة، وبإمكان الشباب تنفيذ أفكارهم في حدود إمكاناتهم، لكن لابد أن تكون الفكرة جديدة وتحل مشكلة، يعاني منها الناس، أو تخلق خدمة جديدة، وإذا لم تكن لديك الفكرة، استثمر في شركة ناجحة وأضف لها بصمة أو شيئا ناقصا وبالنهاية إذا فشل مشروعك أو خسرت، لا تقل أنا فشلت، بل قل «هذا الفشل هو شهادة خبرة لي في المستقبل».