الكل يتابع عواقب الحرب الدائرة حاليا في أوكرانيا وتأثيرها على الاقتصاد العالمي بلا مبالغة، ونحن الذين لا نزال نعاني من آثار الأزمة المالية العالمية للعام ٢٠٠٨، فتغيير مسار الرحلات الجوية أدى إلى زيادة في أكلاف الشحن وغلاء في أسعار جميع السلع وموجة تضخم عاتية، بالإضافة إلى مشاكل في الطاقة وأسعار النفط والغاز المتصاعدة ومشاكل في تمويل أوروبا بالغاز عن طريق خط نوردستيرم، يضاف إليها أزمة غذائية عالمية، كون هذه الحرب تجري حاليا في أكبر الدور المصدرة للحبوب والقمح على مستوى العالم، روسيا وأوكرانيا.
دعونا نتأمل قليلا، أوكرانيا الدولة المصدرة للقمح منذ سنة واحدة فقط الآن صارت تطلب المساعدات الدولية، الغذاء والخبز تحديدا أصبح يوزع بالحصص الفردية نظرا لشح الموارد، بقية الدول المصدرة للقمح قننت صادراتها من الحبوب، الأولوية للسوق المحلية والاكتفاء الذاتي، أما الأرباح والعملة الصعبة فبالإمكان أن تنتظر قليلا، إذا جاع المواطن فلن يضع في فمه حزمة من الدولارات، وما قيمة الأموال إن لم تجد بها شيئا تشتريه، فنزويلا على سبيل المثال، درس اقتصادي مفتوح.
نحن بالكويت، أين نكون في معادلة الأمن الغذائي، السعودية زرعت ما يقارب من مساحة فرنسا بحقول القمح شمالا حول حايل وتبوك، جدة اكتظت بالمصانع الغذائية، بعضها استثمار كويتي، سدير في الرياض كذلك، الإمارات سباقة في مشاريع الزراعة منذ أيام المرحوم الشيخ زايد جنوبا في عرادة وليوة.. بينما مصر تستثمر في مزارع القمح في الفرافرة والاستزراع السمكي في بورسعيد وغيرها، أما آن الأوان لنا في الكويت أن ننطلق في برامج وطنية للاستثمار في أمننا الغذائي.
لنكن صادقين، فكرة الاكتفاء الغذائي عن طريق (الجواخير) فاشلة، إذ تحولت أغلبها إلى «استراحات» لأيام نهاية الأسبوع، المزارع الكويتي في الوفرة والعبدلي يعاني كثيرا في تسويق منتجاته عبر منافذ البيع وسمعنا الكثير من الشكاوى بهذا الخصوص، ناهيك عن افتقار هذه المزارع للعامل المساعد المتمثل في خدمات التغليف والتخزين والحفظ، الكثير من الإنتاج الزراعي يذهب علفا للحيوانات قبل أن يعطب، معظم الشركات الغذائية الكويتية في المناطق الصناعية هي في الواقع مخازن لمصانع موجودة في الدول المجاورة، ما المطلوب؟ المطلوب فريق من المختصين لإيجاد مشروع وطني تنموي زراعي حقيقي يحمي القرار السياسي الكويتي من الابتزاز ويحمي المواطن والمستهلك من التضخم وعواقب المغامرات السياسية الدولية، كان في الباب الكثير لكاتبه في هذا المجال ولكن نكتفي بهذا القدر وربي من وراء القصد والسلام.
ختاما، تحية خاصة لشركة المطاحن الكويتية وألبان كي دي دي، أمثلة محترمة لشركات غذائية كويتية بسمعة إقليمية وطنية نظيفة.