هناك وجوه لا تعرف الحياء، غريبة في كل شيء يصدر منها!، فإذا تحدث الناس عن الحق والباطل تجدها تناصر الباطل، وإذا تحدث الناس عن الخير والشر تجدها تنافح وتدافع عن الشر!، وإذا تحدثوا عن المليح والقبيح فإنها تنحاز للقبيح، ففي كل مضمار يتخذ أصحاب هذه الوجوه - الفاقدة للحياء - المواقف غير الصالحة، ويجعلون من أنفسهم جبهة مدافعة عن كل ما هو سلبي!
هذه الوجوه التي لا تعرف الحياء، لو طرحت أمامها قضايا واضحة في عدالتها، وصريحة في ملابساتها فإنها تجنح إلى الطريق الموصل إلى الجور والظلم!، وإن قيل لها هذا هو الحق، والكل قد أجمع على أن هذا هو الحق، فإنها تضع الشبهات أمام ذاك الحق حتى ينحني الناس أمام الباطل ويناصروه!.
هذه الوجوه التي لا تعرف الحياء، يجب عليها أن تستحيي من الله أولا وأخيرا، فالله - سبحانه - أمر بإشاعة الخير ونصرته، وأمر بمساندة الحق وتمكينه، ودعا لإحقاق العدالة في كل جانب من جوانب الحياة، وقارئ القرآن العظيم والمتتبع للأحاديث النبوية الكريمة سيجد ذلك واضحا للعيان!.
وأتساءل: ما هذه الجراءة التي تحملها هذه الوجوه الفاقدة للحياء حين تتصدى بكل الطرق إلى تلك الأخلاق السامية التي كلنا مأمورون بالتمسك بها!؟.. فمن أين أتت تلك الجراءة؟!.
أيها الكرام، ليكن كل واحد منا مؤمنا ومدركا أن الخير موجود، وبالوقت نفسه عليه أن يؤمن ويدرك أيضا أنه ليست كل الوجوه مباركة، وأن الشر موجود كذلك، فتلك الوجوه الفاقدة للحياء لا أظن أن بها بركة، وأظنها وجوها بخيلة في المشاعر النبيلة، وهناك وجوه كريمة عامرة بالحياء وغنية بكل خلق نبيل، لذلك بيننا وجه مبارك كريم، وبيننا وجه لا بركة به، بخيل، وأذكر بأنني قلت حول «الوجوه» بعض الأبيات الشعبية، فقلت:
بيننا وجه كريم وبيننا وجه فلس
قسمة معروفة عبر العصور مثبته
واحد شوفه مريح ويسعدك لا من جلس
يشرح القلب الحزين وله حروف ملفته
لذلك علينا الاهتمام بأمر «الحياء» بحياتنا اليومية، فالحياء خلق كريم يجعلنا نتفادى كل طريق «لا أخلاقي»، فهو زينة للوجوه، ومقوم لاعوجاج النفس، ودال على الخير، ومهذب لجور قلب الإنسان، فالحياء لا يأتي إلا بخير، وأعظم صور الحياء أن يستحيي الإنسان من الله - جل شأنه - فيلتزم ما أمر به سبحانه، ويبتعد عن نواهيه.
قال الله سبحانه: (ألم يعلم بأن الله يرى).
وقال رسول الله ﷺ: «إن لكل دين خلقا، وخلق الإسلام الحياء». وقال أيضا ﷺ: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت».
وقال أحد الشعراء:
حياؤك فاحفظه عليك فإنما
يدل على فضل الكريم حياؤه
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه
ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
hanialnbhan@