بيروت - عمر حبنجر
يرى متابعون في بيروت ان قمة جدة العربية - الأميركية، أدخلت عوامل ومستجدات على الاوضاع اللبنانية الداخلية، سياسيا واقتصاديا، ورسمت إطارا واضحا لطريقة التعاطي العربي - الأميركي معها في المرحلة المقبلة، ما يوحي بأن تشكيل الحكومة، او الانتخابات الرئاسية، جزء من هذا الاطار.
واستتبع بيان جدة جولة لرئيس مجموعة العمل الأميركية للبنان إد غبريال على الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، مسرعا اجراء الاصلاحات وتشكيل الحكومة.
وكان اللقاء الأول مع رئيس الجمهورية ميشال عون، في قصر بعبدا، حيث صرح غبريال قائلا: «تحدثنا عن الوضع الصعب الذي يعانيه لبنان، وأهمية التوصل إلى إرساء برنامج اقتصادي واجتماعي قبل فوات الأوان».
وأضاف أن «الوقت يسير بسرعة، من هنا على الحكومة الإسراع بالمفاوضات مع صندوق النقد».
وتابع «رسالتنا هي أنه يتعين على المسؤولين أن يتحركوا بسرعة قبل فوات الأوان، وهذه الرسالة التي ينقلها أيضا المجتمع المقيم في الولايات المتحدة». وشدد على أن «الرئيس الأميركي جو بايدن لم ينس لبنان وذكر أمورا عديدة حياله، وما يهمه هو سلامة لبنان».
وانتقل غبريال الى عين التينة، حيث التقى الرئيس بري بحضور السفيرة الاميركية دوروثي شيا، مشددا على اهمية السرعة في العمل من جانب الحكومة والمجلس النيابي لإنجاز القوانين والسياسات لجهة دفع المفاوضات قدما مع صندوق النقد الدولي ولم يعد هناك من وقت لإضاعته.
ورد الرئيس بري قائلا للوفد الأميركي: لم يعد من وقت للمماطلة والتأخير في ترسيم الحدود البحرية والسماح للشركات التي رست عليها المناقصات بمباشرة عملها ولا مبرر على الاطلاق لهذا التأخير او المنع.
ومن عين التينة انتقل الوفد الاميركي الى السراي الحكومي الكبير، حيث التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال ميقاتي، وكرر امامه ما سبق ان قاله في بعبدا وعين التينة، ورد عليه ميقاتي بالقول: ان لبنان مهدد بكارثة على صعيد الغذاء والقمح اذا لم يتصرف مجلس النواب والحكومة بسرعة.
وأمس أصدر التيار الحر بيانا بتأييد مقررات جدة، حول لبنان، لكنه اعتبرها فاتحة خير لحوار شامل في المنطقة يؤدي، كما يتمنى التيار الى «إنجاز الاتفاق النووي، والى تقارب فعلي بين ايران ودول المنطقة، والخروج نهائيا من الحسابات القائمة على الحروب والعقوبات...».
على ان هذا التأييد الظاهر لبيان جدة، ينطوي على الرغبة في اعادة تبييض صفحة رئيس التيار جبران باسيل، خصوصا لدى الولايات المتحدة، بعد انحيازه الكامل للسياسة الايرانية في المنطقة، ضمن ما يعرف بتحالف الاقليات، الذي يعد رئيس الجمهورية ميشال عون من أبرز داعميه. والدليل ان بيان التيار لم يتطرق الى ما حدده بيان القمة، على صعيد الاصلاحات، وأساسها معالجة سلاح حزب الله، وبسط سياسة الدولة على جميع أراضيها.
من جهته، الرئيس عون عبر عن إصراره على مفهوم الوحدة الوطنية في مقاربته موضوع تشكيل الحكومة، خصوصا ان الازمة الحكومية طالت اكثر مما يجب وباتت تهدد سلامة معيشة الناس.
ونقل عن عون ان المخاض الحكومي لا يجوز ان يستمر اكثر، محذرا من ان البلد بات على مفترق طرق صعب ووعرة. وأشار الى اتصالات لانضاج حل بالتعاون مع الرئيس ميقاتي، يؤدي الى حكومة انقاذ.
على انه ولتاريخه، لم تصدر بادرة عن قصر الرئاسة، باتجاه الرئيس المكلف، المنتظر تحديد موعد له في بعبدا، مع يقين المتابعين ان انعقاد اللقاء الثالث بين الرجلين وعلى نية تأليف الحكومة، لن يخرج التشكيلة الحكومية من مأزقها، بسبب الشروط المتبادلة بين الطرفين وأقلها اشتراط بعبدا طلب ميقاتي موعدا، وأن يأتي ومعه تشكيلة حكومية جديدة، ورد ميقاتي بأنه طلب موعدا منذ أسبوعين ولم يحظ برد، مما أساء الى العلاقة بين الرئاستين الأولى والثالثة، وبالتالي فإن على القصر الجمهوري ان يحدد له موعدا بالاستناد الى الطلب السابق، وعلى أساس مناقشة التشكيلة الوزارية الأولى.
ويقول وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، في هذا السياق، كل المسؤولين يتحملون مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة، علما ان التشكيلة التي قدمها ميقاتي للرئيس عون فيها استفزاز.
سلام الذي أبعده ميقاتي عن التشكيلة المطروحة، تحدث عن اجواء توحي بإبقاء حكومة تصريف الأعمال الى ما بعد انتخابات رئاسة الجمهورية، وقال: داخليا هناك تشرذم وخناقات ومشاكل، وخارجيا لا إيعاز ولا إجبار، فنحن اعتدنا على سلطة الوصاية، وسلطة الوصاية لم تعط الأمر بعد، كما يظهر.
ورفض مصدر وزاري ان تتم زيارة ميقاتي الى بعبدا، دون تحديد موعد مسبق، فهو مكلف بتشكيل حكومة، ولا يجوز ان يقال له ان ابواب القصر الجمهوري مفتوحة للجميع.
وتراهن مصادر متابعة على زيارة الموفد الفرنسي بيار دوكان الى بيروت، وتقول المصادر ان ظاهر الزيارة اقتصادي تنموي، متصل بالصندوق السعودي - الفرنسي المشترك لمساعدة لبنان، لكن باطنها سياسي، فالرجل آت ليعرض ويوصي بموقف، لمصلحة حكومة ميقاتي.