هناك حركة تعمل على تقنين السحوبات النقدية اليومية من أجهزة السحب الآلي لدى البنوك والمؤسسات المصرفية وتحديدها بما يتناسب مع الأرصدة الفعلية للعملاء والمودعين والمدخول الشهري المنتظم لهم.
هذا كلام تقني لديه تداعيات خطيرة قد لا يستوعبها الإنسان البسيط المشغول مع همومه اليومية المعيشية، ونحن هنا لدينا وجهة نظر، تقول إن قرارا من هذا النوع سيضرب في مقتل ليس فقط الطبقات الشعبية بل أيضا «الجماعات التجارية» وهذا ما سيحصل مع هكذا قرارات وهناك أمور قد تكون «تقنيا» و«نظريا» الكلام فيها جميل ولكن على خط التطبيق والحركة فإنها تصنع الكارثة والمأساة ولا تعالج أساس المشكلة.
وأيضا علينا أن نلاحظ الدول التي قامت بعمل مثل تلك الأمور نفس «اليونان» و«لبنان» فإن الفشل أصابهم ولم يستفيدوا شيئا من هذه الإجراءات إلا الضرر والأذية الاقتصادية لكل طبقات المجتمع.
هل من المعقول أن «جماعات تجارية» وأفرادا يتم السيطرة على أموالهم وحريتهم في التعامل معها بـ «ضغطة زر إلكترونية» لا يستطيعون معها أن يسحبوا أي مبلغ؟! وهذا الأمر ما حصل في اليونان ولبنان، حيث تحول الآلاف إلى فقراء ومعدمين لا يستطيعون شراء شيء لأن هناك من قرر ذلك!
إن الوضع الاقتصادي والتجاري عندنا «مختلف» و«مميز» ولا يصح أن تتم مقارنة مجتمعات متناقضة واقتصاديات أساسياتها وتاريخها وطريقة عملها تتضارب معنا، ويتم تطبيق ما تم عمله هناك عندنا، وهذا الأمر كمن يعطي علاجا ليس له علاقة بالمرض، فعندها سيصبح الدواء سما قاتلا وليس علاجا شافيا.
على سبيل المثال هناك «جماعات تجارية» ليس لها علاقة مع الحكومة، فهؤلاء تمويلهم ذاتي وتجارتهم منفصلة كلاسيكية وحركة أموالهم ليس لها ارتباط مع أموال ميزانية الدولة، ولدينا «جماعات تجارية» مليارية الثروة وعابرة للحدود، من حيث نفوذها وارتباطاتها وعلاقاتها، فمن غير المعقول أن يتم وضع حد مالي معين لهم للسحب من البنوك! فهل يعقل أن «جماعات تجارية عملاقة» لا يحق لأفرادها وشخصياتها السحب «الكاش» إلا ثلاثمائة أو خمسمائة دينار يوميا؟!
أيضا إذا كانت المسألة هي «الرقابة المالية ضد غسيل الأموال» فهذه لها علاقة بالبنك المركزي كـ «سلطة فوقية عليا»، ولكن البنوك التجارية العادية ليس لها علاقة ولا سلطة ولا حق بما يقوم به الأفراد العاديون أو «الشخصيات المنتمون مع الجماعات التجارية» مع أموالهم، فهذه حريتهم وقرارهم و«وحقوقهم» وليست تلك الأموال من ممتلكات البنوك التجارية لكي يتم إعطاؤها حق الفيتو وحق الرفض والقبول بكمية السحب والصرف لفرد عادي أو تاجر.
ان وجود «حركة غسيل أموال غير شرعية» ليس معناها أن نلحق الضرر والأذى بالطبقات الشعبية والجماعات التجارية بسبب تصرفات فئة شاذة من المجتمع فهؤلاء لم يقوموا بأي عمل إجرامي لكي تتم مساواتهم مع من يمارس جريمة غسيل الأموال! فلماذا الإضرار بالمجموع وممارسة ما يسمى بالعقاب الجماعي collective punishment، وخاصة ان الرقابة ومتابعة غسيل الأموال لها علاقة مع البنك المركزي ورقابته على حركة النقد، وإذا كان هناك خلل فيجب حله مع البنك المركزي وليس بضرب من ليس لهم علاقة أو ارتباط وضرب العملة الورقية.
نتمنى ان يتحرك من يمثل مصالح الجماعات التجارية والطبقات الشعبية، بالتنسيق مع السلطة التنفيذية والتشريعية لمنع وإيقاف إعادة صناعة مشكلات الآخرين عندنا.