محمود عيسى
ذكرت وكالة «ستاندرد آند بورز» ان استمرار التعافي في اسواق النفط وارتفاع أسعاره يعززان أهم المقومات الرئيسية للبنوك الكويتية، لاسيما ما يتعلق بتقييمها لمخاطر الدولة في الصناعة المصرفية الكويتية المعروف اختصارا بعبارة «BICRA».
وقالت الوكالة في سياق تقريرها عن المصارف العالمية للنصف الثاني من 2022، ان توقعات الاقتصاد الكلي وارتفاع أسعار النفط وتصاعد معدلات الفائدة تتضافر جميعا لتمكن البنوك الكويتية من السير على درب التعافي بصورة مرنة.
وتتوقع «ستاندرد آند بورز» ان يحقق القطاع ارتفاعا في الربحية خلال العام المقبل، وانها ستتعافى بالكامل في عام 2022، بدعم من ارتفاع الهوامش الربحية حيث تتجه البنوك نحو رفع أسعار الفائدة وخفض رسوم الائتمان في ميزانياتها العمومية.
وقالت الوكالة إن مقاييس جودة الأصول تميل نحو الوضع الاعتيادي فيما توقعت أن يتضاءل نشوء القروض المتعثرة والتي ستشهد تراجعا طفيفا خلال فترة 12-24 شهرا المقبلة، بينما تبقى تكلفة المخاطر عند نحو 100 نقطة أساس، نظرا لأن بعض المخصصات التي يتم بناؤها لدى القطاع المصرفي الكويتي تعتبر ميكانيكية حسب تعليمات بنك الكويت المركزي.
وزادت أن هذه التكلفة تقل بنسبة 1.4% عما كانت عليه في عام 2020 ومقارنة بـ0.9% في عام 2021، (وهذه النسبة محسوبة على البنوك التي تستحوذ على 60% من حصة السوق المحلية)، كما أنه من شأن ارصدة المخصصات العالية للبنوك ان تمكنها من المحافظة على نسبة تكلفة مخاطر مستقرة على نطاق واسع عن طريق شطبها من القروض المتعثرة عند ظهور أخرى جديدة.
واشارت الوكالة الى ان إجمالي انكشاف البنوك على العقارات وقطاع الانشاءات بلغ حوالي 30% من إجمالي الإقراض في نهاية عام 2021، وأنه لا يزال قطاع العقارات التجارية (المكاتب بشكل أساسي) يتعرض لضغوط، ومع ذلك، فإن قطاع الاستثمار ويتمثل بشكل أساسي في تأجير الشقق السكنية للوافدين يسجل تعافيا بطيئا، ونتوقع أن يستمر هذا القطاع في الانتعاش خلال 12-24 شهرا القادمة مدفوعا بآفاق اقتصادية أقوى مع توقعات بعودة المغتربين إلى حد ما.
وترى الوكالة ان ملف التمويل في القطاع المصرفي الكويتي يستمد الزخم من خلال قاعدة ودائع محلية قوية حيث تقدر الوكالة أن ودائع التجزئة ساهمت بأكثر من 40% من إجمالي الودائع في نهاية عام 2021، وبلغت نسبة صافي الأصول الخارجية للبنوك 14% من الإقراض المحلي في نهاية العام الماضي، وهذا يترجم إلى انكشاف ضعيف على ميول المستثمرين والزيادة المتوقعة في تكلفة التمويل الأجنبي.
وذكرت الوكالة أن ارتفاع أسعار النفط وزيادة أحجام انتاجه يجب أن تشجع النمو على التعافي خلال العام الحالي، ما يدفعها للتوقع بأن تحقق الكويت فائضا كبيرا في الميزانية الحكومية خلال 2022 بعد ان ظلت تعاني من عجز سنوي بلغ متوسطه 15% من الناتج المحلي الإجمالي طوال السنوات الخمس الماضية، ومع ذلك فإننا في ضوء ميل أسعار النفط نحو الاعتدال، نتوقع أن تعود الميزانية إلى العجز خلال السنة المالية 2024-2025.
أما بالنسبة لرغبة الحكومة وقدرتها على تقديم الدعم المالي للبنوك، فقد قالت الوكالة انه برغم ارتفاع أسعار النفط الذي أدى إلى تعزيز أوضاع المالية العامة وميزان المدفوعات في الكويت خلال الفترة من 2022 إلى 2023، فإن استراتيجية التمويل الحكومية على المدى البعيد لا تزال غير مؤكدة، إذ تضاءل احتياطي السيولة الرئيسي المتمثل في صندوق الاحتياطي العام نتيجة عدم اعتماد قانون الديون حتى الآن، وفي حين مازالت ترتيبات التمويل الأخرى ومنها حصول الحكومة المباشر على التمويل بحدود مبلغ معين من صندوق الأجيال القادمة لم توضع بعد.
إلا انه مع ذلك وبرغم المواجهة الدائمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والإبلاغ عن المدفوعات المتأخرة للموردين، الا ان الوكالة تفترض ان الحكومة ستتغلب على القيود المؤسسية وستجد الآلية المناسبة للوصول إلى صندوق الاجيال المقبلة إذا لم تكن الخيارات الأخرى متاحة، ويجب أن تدعم أسعار النفط المرتفعة حاليا اصول صندوق الاحتياطي العام التي استنفدت في الفترة السابقة.