- د.نادية الخالدي: يجب أن نعلم أبناءنا أن الاختلاف بين الناس أمر طبيعي ومن الضروري غرس القيم في نفوسهم
- د.بدرية العجمي: على الأسرة توعية الأطفال وتعليمهم حب القراءة بجلب قصص هادفة لهم
أجرت التحقيق: ندى أبونصر
يؤثر التقدم التكنولوجي بشكل كبير على جوانب كثيرة من حياتنا، وكلما ازداد هذا التقدم أثر بشكل أكبر في تغيير نمط حياة الأشخاص، ومع الاعتماد المتزايد على الإنترنت أصبح استخدام منصات التواصل الاجتماعي جزءا أساسيا للتواصل اليومي واستقبال المعلومات لدى كثير من الأشخاص في العالم، فهناك من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة للترفيه وتقضية الوقت، وربما لإضاعة الوقت، وآخرون أدركوا مدى قوة هذه الوسائل فاستخدموها بشكلها فعال، حتى جنوا من ورائها فوائد متعددة سواء كانت مادية أو علمية أو ثقافية. ومع هذا التناقض بين الجانبين لا بد أن نقف متأملين أمام تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على أطفالنا لحمايتهم من مخاطرها المحتملة، في ظل تنامي ظاهرة المؤثرين على مواقع التواصل وعدم التزام الكثيرين منهم بالمعايير التي تخدم أبناءنا ولا تتسبب في الإضرار بهم نفسيا أو أخلاقيا.
وعن مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك المؤثرون من خلالها على فئة الشباب والمراهقين وسبل حماية أولادنا وتحصينهم من مخاطرها التي انتشرت كثيرا في الفترة الأخيرة، أجرت «الأنباء» هذا التحقيق، وكانت البداية مع أستاذة الإرشاد النفسي والصحة والنفسية د.نادية الخالدي التي قالت إن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت أول مؤثر على الشباب والمراهقين سواء سلبا أو إيجابا، لأن عدد الساعات التي يقضيها الشخص على الهاتف ومتابعة «السوشيال ميديا» أكثر من الساعات التي يقضيها مع أحد ليحاوره ويتعلم منه أو يقرأ كتابا أو يأخذ معلومة أو يحصل على أي شيء مفيد.
وأضافت الخالدي لـ «الأنباء» أن البعض يتساءل: لماذا في كثير من الأحيان لا يكون للأطباء والعلماء والمختصين نفس تأثير العارضات والمؤثرين على مواقع التواصل؟ والإجابة قد تكون في أن كثيرا من هؤلاء الأطباء والعلماء والمتخصصين يتكلمون من برج عال، وبالتالي عليهم أن يتكلموا بلغة سهلة يفهمها عامة الناس، وبروح طبيعية من دون، حواجز، فلغة المصطلحات العلمية غير مفهومة لدى العامة.
وبالنسبة للمحتوى الذي فيه تنمر وتهريج وسخرية، يمكننا القضاء على هذه الظاهرة بأن نقوم بعرض الأشياء بطريقة فكاهية لأن الفكاهة دائما تصل قبل الجد والمعرفة وكذلك الدراما والمشاهد التمثيلية لأنها تصل قبل المعرفة المكتوبة أو المسموعة ولكن بأسلوب الفكاهة البعيد عن التنمر.
هذا إضافة إلى ضرورة زيادة الوعي عبر برامج مدروسة والعمل على تثقيف النشء حتى يبتعدوا عن المفردات اللغوية الهابطة التي قد تصلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعلينا أن نعلمهم أن أسلوب الفكاهة يجب ألا يعتمد على ألفاظ بذيئة، ولا تجريح لمن نمزح معه.
وأضافت الخالدي أنه بالنسبة لصياغة المحتوى المناسب للأطفال، فنحن نحتاج إلى كتاب ومتخصصين في تخصصات تربوية ونفسية واجتماعية للمساهمة في بناء النفس والذات واستخدام كل مناهج التربية في إعادة صياغة القيم لأنه للأسف لدينا مشكلة في القيم واحترام الذات والآخرين، ويجب أن نعلم أبناءنا أن يقدروا الاختلاف وأن كل شخص من الممكن أن يكون جيدا في شيء وغير جيد في آخر.
والآلية التي يجب أن نعمل عليها هي إقامة برامج توعوية وتعديل في الرسوم المتحركة وإحضار كتاب شباب للرسوم المتحركة وتعديل المسلسلات الموجودة بأن تكون مسلسلات هادفة ومفيدة وأن تحمل قيما للأسرة والأبناء وأن نصنع عالما من السوشيال ميديا الحقيقية وهذا دور وزارة الإعلام والمختصين بأن نطرح المحتوى المفيد والهادف.
وأوضحت أنه من الضروري أن نوعي أبناءنا بضرورة أن يحب الشخص نفسه وبكيفية التعامل مع جسده وبالأخص في مرحلة المراهقة، لأن أي شيء في حياة الفرد يبدأ من علاقته بنفسه بالدرجة الأولى.
وأضافت الخالدي أنه مع الأسف لم يعد هذا الجيل يعرف قيمة الأشياء المتاحة له بسبب كثرتها، عكس الماضي.
ثورة معرفية
من جانبها، قالت أستاذة الفلسفة الرياضية د.بدرية العجمي إن السوشيال ميديا أصبحت ذات تأثير كبير على الأطفال، والسبب هو سرعة الثورة المعرفية والتقنية الحديثة، وقد أصبح الطفل هو الآخر يسابق الثورة المعرفية خاصة أن هده التقنية عامل جذب له بكثرة برامجها، ففي بعض الأحيان برامج الترفيه أو الألعاب تظهر كمجرد لعبة لكن يكون لديها هدف آخر.
وأضافت أن الطفل أصبح يقضي أغلب وقته على الهاتف ولم يعد يهتم بالجلسات العائلية، وهنا لا بد أن يكون دور الأسرة فعالا في توعيته وتعليمه حب القراءة عبر جلب قصص مفيدة وهادفة له لتنمي ومهاراته بالشكل الصحيح، ولا بد من عدم تركه يتقوقع تحت سيطرة السوشيال ميديا من دون مراقبة وتوجيه وبالأخص في المرحلة التأسيسية.
وعلى الأهل أن يصبحوا أصدقاء لأبنائهم ويحاوروهم ويستمعوا لآرائهم لتعزيز شخصيتهم وتنميتها لكي تكون شخصية قوية مصقولة لا تتأثر بسهولة بالعوامل الخارجية.
وأشارت العجمي إلى أن ظاهرة التنمر انتشرت كثيرا والسبب ليس فقط السوشيال ميديا ولكن التربية الأسرية، فهي الأساس وعلى الأسرة أن تصقل شخصية الطفل وتعزز ثقته بنفسه، وتدربه على كيفية الرد على أي تعليق سيئ، لأن التنمر عامل مؤثر من الممكن أن يودي إلى جرائم، ودور الأهل كبير جدا مع التعاون مع المدرسة وللأسف كثير من العائلات اعتمادها على المدرسة والخدم في تربية الطفل، فأين دور الأم والأب والعامل الأساسي في التنمر ثقة ولي الأمر في عملية توجيه وإرشاد وتقوية شخصية الطفل والمراهق.
مراقبة الأهل
من جانبه، قال حسن حيدر: يجب أن نوعي أبناءنا بالدرجة الأولى وان تكون هناك مراقبة من الأهل على أطفالهم، ماذا يتابعون وعلى تصرفاتهم وطريقة كلامهم لأنه للأسف مواقع التواصل هدمت عائلات كثيرة، كما انه على الحكومة ان يكون لديها برامج في حجب أي مواقع غير جيدة، فـ «السوشيال ميديا» أصبحت بحر عميق والهاتف خطير في ايدي أبنائنا.
وأضاف أنا أتابع أطفالي دائما من خلال تصرفاتهم وأوجههم الى متابعة الأشياء المفيدة.
وأضاف أنا لدي طفلة من ذوي الاحتياجات ولدي رسالة إلى المجتمع ألا يهملوا هذه الفئة وهناك عيادات خاصة لمتابعتهم وتعليم الأهل والاخوة كيفية وطريقة التعامل بشكل صحيح توعيتهم وإذا بدأنا هذا الشيء من المنزل سوف تتغير الصورة الذهنية المرتبطة بأن هذا الطفل مثله باقي الأطفال وتخف نظرة التنمر أو النظر اليهم بطريقة مختلفة. بدوره، قال أحمد نعيم: يجب على الأهل توعية أبنائهم وبناء شخصيتهم وثقتهم بأنفسهم بشكل صحيح وألا يتأثروا بالعوامل الخارجية أو بأي نوع من التنمر من الممكن أن يواجهوه وعلى الأهل إذا لاحظوا خطأ معينا لدى طفلهم أن يكلموه بمفرده وليس أمام الناس لأن هذا الشيء يؤثر على شخصيته في المستقبل ودعم وتعزيز ثقتهم بنفسه. وبالنسبة للتنمر الذي نراه على السوشيال ميديا والتعليقات المهينة في كثير من الأحيان يكون حسدا وغيرة لأن كثيرين لا يحبون الشخص الناجح ولا يحبون أن يروا شخصا أفضل منهم، وعلينا أن نعلم أبناءنا أن حياة السوشيال ميديا ليست كلها حقيقية وليس كل ما نراه صحيحا، ونوجههم لأخذ الأمور الإيجابية في كل شيء ليكون لديهم القناعة بأنه لا أحد يستطيع أن يحصل على كل شيء وإذا كانت ثقتهم بأنفسهم قوية لا يتأثرون بالمظاهر التي من الممكن أن تكون خداعة. من جانبه، قال حسن عبدالله إن ترك الهاتف بأيدي الأطفال أو المراهقين دون متابعة أمر خطير، مؤكدا أهمية دور الأهل وبالأخص الأم لأنها تقضي الوقت الأكبر معهم، ويجب متابعتهم ومعرفة ماذا يرون، ولا بد من تعزيز ثقتهم بأنفسهم حتى لا يتأثروا سلبا بسهولة من أي عوامل خارجية أو أي كلام من الممكن أن يتعرضوا له.
وأضاف أن أطفال الجيل الحالي أصبح لديهم وعي ومعرفة اكثر من قبل ولكن التوعية ضرورية وتعليمهم الصح من الخطأ.
بحر عميق
من جانبه، قال فاضل عباس إن دور الأهل كبير في التوعية والتوضيح والتوجيه، لكن دعونا نؤكد أن المراقبة بشكل دائم صعبة، وبالتالي يجب ملاحظة تصرفات أبنائنا وكلامهم لأن بعض الأطفال يأخذون ألفاظا وكلمات غريبة ومن الممكن أن يتداولوها في المدرسة أو بين أقاربهم وأقرانهم من دون أن يعرفوا معناها. وأضاف أن دور المؤثرين على مواقع التواصل أصبح ذا تأثير كبير على الأطفال، وبالتالي على هؤلاء الأشخاص التركيز على ما يطرحونه أو يقدمونه، فكثير من المشاهير يتلفظون بألفاظ غير جيدة ويتأثر بها أبناؤنا.
وزاد أن تكوين شخصية الطفل من قبل الأسرة والمدرسة هو الأساس، لأن السوشيال ميديا بحر عميق وواسع وأصبحنا في وقت خطير وعلى الدولة حجب المواقع غير الأخلاقية إضافة إلى توعية الأهل بضرورة العمل بشكل إيجابي على بناء شخصية الطفل وتحصينها من العوامل السلبية.