21 ألفا من شباب هذا الوطن مسجلون ضمن قائمة المدمنين على المخدرات «لنعي ما نقول.. مدمنين.. وليسوا متعاطين، وهنا الطامة الكبرى» لينضم إليهم آلاف الشباب خلال عامي 2021 و2022 لتحل علينا كارثة عظمى تفوق الكثير من الكوارث التي مرت على الكويت! وتتضاعف عندنا جرائم العنف وهدر دماء الشباب واستفحال السلوكيات الدخيلة علينا.
تحدثنا عن هذا الأمر مرارا وتكرارا وقلنا قبل سنوات تعدت العشر أن الكويت مستهدفة من قبل مافيا المخدرات لأسباب لا أود ذكرها، حتى بات الأمر خطيرا جدا لا يقبل السكوت عنه، ويجب أن يحتل أول سلم اهتمامات الجهات المعنية.
نعم حاولوا، اجتهدوا، خططوا، اشتغلوا ونفذوا، والنتيجة فشل ذريع حتى بلغت العلاقة الطردية لمدى خطير جدا ومذهل للغاية، إذ كلما زاد تشكيل اللجان باختصاصات هجينة وأهداف تبعدنا عن الغاية والمغزى، وأنشأنا الكيانات بأسس وإستراتيجيات ذي هرم مقلوب، وصغنا الأنظمة والقوانين دون دراسات واقعية، وجندنا البشر غير المختصين لإرضاء وإسكات فلان، استفحلت المشكلة، وزادت وحشيتها، لتبلغنا حينئذ نتائج الأبحاث والدراسات عن ارتفاع مخيف بنسب التعاطي والإدمان، ويشتد وطيس المؤامرة وتسقط الضحايا من فلذات أكبادنا «80 حالة وفاة سنويا بسبب المخدرات»! وعظمت واشتدت الجرائم كما ونوعا لتغيب علينا صحيح تفسيراتها وأسبابها ودواعيها، لم نفلح إلى الآن لبلوغ الواقعية الحقة لمعرفة أسباب تعاطي المخدرات التي تقود إلى الجريمة «ثلث الجرائم في الكويت سببها المخدرات»! وامتلأت المصحات بمن استطعنا إنقاذهم أو أولئك الذين ذهبوا إليها طواعية!
السبب: بالتأكيد «حسب اعتقاد كاتب السطور» أن هناك خللا في تشخيص أسباب هذه المشكلة، هذا إذا كان الإخوة المعنيون يقومون باستخدام طرقا علمية في البحث عن أسباب المشكلة في أداء عملهم، فإذا كانوا كذلك فلابد من القيام باستخدام ذلك التشخيص العلمي الصحيح الذي يتوسط عمليتي الدراسة والعلاج وتحديد طبيعة المشكلة ونوعيتها عندنا ومن بلوغ الاستدلال والاستنتاج المنطقي.
والشخص الفاهم يدرك أيضا أن تشخيص مشكلة المخدرات بشكلها الصحيح تدلنا إلى الأنماط الثقافية للقيم والمعايير الاجتماعية ومدى الانخراق عنها حتى نبدأ بوضع الأسس الصحيحة للعلاج، وقبل ذلك ندرك أيضا أن التشخيص الصحيح يعتمد على قدرة عقولنا على الاستدلال والإنتاج، ويقودنا إلى عوامل ومسببات المشكلة بهدف علاجها بالطرق المناسبة، وهو بذلك أي التشخيص يقودنا إلى معرفة الدوافع والسلوك الإنساني وأوجه القصور ويعطينا أيضا ويمنحنا القدرة على التدخل في التأثير لتعديل الموقف الذي يتضمن جوانب ذاتية وبيئية.
باختصار شديد التشخيص له خصائص يمكن أن تفيدنا أولا في فهم مشكلة المخدرات في الكويت من خلال: فهم طبيعة المشكلة وأبعادها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، ماهيتها، العوامل المحيطة بها، ما الذي يمكن أن نعمله أو نغيره أو نعدله، هذا ما يمكن أن نعتبره اللبنة الأولى في بناء إستراتيجية فهم طبيعة مشكلة المخدرات وعلاجها، بدلا من أن نبكي أبناءنا ونندب القهر والحسرات.