يحدثنا صديق كويتي يعمل ويعيش في بريطانيا عن بدء عملية الترشح خلفا لرئيس الوزراء المستقيل بوريس جونسون وكيف بدأت بثمانية مرشحين إن لم تخني الذاكرة قبل أن تصفى إلى مرشح ومرشحة، وأن من هؤلاء الثمانية وجوها على الرغم من تاريخهم السياسي لم يتعرف هو سوى على ثلاث أو أربع شخصيات سياسية رغم متابعته للشأن السياسي البريطاني بحكم إقامته هناك! فالسياسيون في بريطانيا ليسوا نجوم المجتمع! تحسرت بعد حديثه كيف ينشغل معظم شبابنا وينقسم في معسكرات تتبع السياسيين، يصرفون من وقتهم وجهدهم في تبرير وتلميع نجمهم السياسي، من المسؤول عن دخول شاب أو شابة في مقتبل عمره وأحيانا مراهق إلى هذا الوسط المليء بالقلق والخيبات والتناقضات، كم أشفق على جيل حمل الهم مبكرا.
كيف ترك الشباب متابعة المثقفين والمفكرين والعلماء وإصداراتهم والفنانين والرياضيين وأعمالهم والتفاعل مع عالم من الإنجازات والنجاحات والبطولات والترفيه الحقيقي؟ كيف توجهت بوصلة الاهتمام والإعجاب والفخر والتشجيع والمتابعة باتجاه الشخصيات السياسية؟ لا أنكر أنها قد تكون أحيانا حالة من الوعي الشبابي ومحاولة الإصلاح الذي يصاحب الأوضاع السياسية والاقتصادية وتردي بعض الخدمات، لكن أليس الأولى بهؤلاء الشباب الاستمتاع بخيرات البلد والعيش براحة بال واستقرار نفسي والعمل والتركيز على بناء مستقبلهم العلمي والوظيفي والاجتماعي؟ لماذا لا يخلو اجتماع في زوارة أو مسجد أو مطعم أو حتى في قروب واتساب من الحديث في الأمور السياسية؟ لماذا صار الجدل والنقاش السياسي وتحليل الوضع الحالي لسان حال الكبير والصغير؟
لربما غياب دور مركز التواصل الحكومي في التفاعل مع كثير من التحليلات والأخبار المشاعة والمتداولة، شكل بيئة خصبة لتنامي مثل هذه المشاعر لدى الجماهير المتعطشة لسماع أخبار، أم هو غياب وتردي معظم الأنشطة سواء كانت سياحية أو رياضية أو ثقافية وأوقات الفراغ أدى لتصدر النشاط السياسي وسياسة نكد عليهم؟
لا يستطيع أحد أن ينكر أن السياسيين هم من يقرون النظم ومستوى الخدمات التي نحصل عليها والقوانين والتشريعات التي تنظم مجتمعاتنا لكن ليس بهذه الدرجة من التحكم أو السطوة لو لم يغب نظام إداري وحكومي، ويتفشى الفساد في الجهاز الحكومي دون حساب وعقاب مع غياب التقدير والجزاء للمستحقين.
فبين تقلب السياسيين وتعثر الجهاز الحكومي يبقى الشباب في دوامة الخيبات والاستبشارات بالشخصيات السياسية.
Imandashtii@