تمر الشعوب عبر تجربة الديموقراطية لتختبر الأداء الذاتي لها من خلال الممارسة لحقوقها الديموقراطية، لأن الديموقراطية ليست إلا مرحلة يفترض منها أن تنقل المجتمع الإنساني إلى ارتقاء وسمو أخلاقي، لذلك فإنه من الضرورة بمكان الحفاظ على أساس منشأ الديموقراطية والسمو بها من بؤر المصالح الخاصة وزيادة وعي الجماهير لتتم حماية الديموقراطية من أن تتحول إلى مجرد أداة للمصالح والأهواء البشرية أو أن تستغل مسرحا للصراع على السلطة والهيمنة.
لقد أكد فلاسفة الحقوق والقانون أن الديموقراطية يجب أن تفهم على أن السلطة واجب تكليفي وليس حقا مطلقا وكل فكرة عليا فإنها يجب أن تحترم وتحتضن في المجتمعات الديموقراطية، وأن سيطرة الديموقراطية تعني سيطرة مصالح المجموعات الاجتماعية المختلفة وتكاملها من أجل تحقيق العدالة.
إن أدنى مراجعة للتجارب الديموقراطية تؤكد أن الإنسان لا يستطيع ترتيب أموره بقواه الذاتية ولا يستطيع عقلنة الحياة الاجتماعية بعقله الصغير، لذلك فإنه لابد من الشرائح القيادية في المجتمع أن تقوم بالريادة نحو ترميم البناء الاجتماعي وتطوير نمط الحياة الحرة، ويبقى السؤال الأهم حول ما إذا كانت الشعوب تستطيع الوصول إلى المجتمع الصالح والفاضل ولو بشكل نسبي، ولعله من الصعب تصديق الأمر ولكننا نؤمن بأن المجتمع البشرى يمتلك أساسا حقيقيا عصيا على الاستئصال وهو الذي ينقذه كل مرة من الانحرافات التي تعصف به من حين لآخر.
إن الإنسان ذو همة وقدرة لا حدود لهما فإن التقت إرادته الحقيقية من أجل الحق والعدل والخير فإنه لا محالة يصل إلى واحة العطاء الديموقراطي الحقيقي.