- المقاومة الكويتية أيام الاحتلال ضربت أروع الأمثلة.. وبلد تدمدم فيه مقاومة ليس محتلاً بعد
- العراقيون كانوا يتعاملون معنا بحذر خلال الأسر.. و70 شخصاً ينامون بغرفة واحدة
- الغزو دفع قواتنا المسلحة إلى التطوير في الفكر العسكري ونظم التسليح والتدريب
- الأمن الوطني لا يتعلق فقط بالقوة العسكرية.. وللإعلام دور كبير في رد الشائعات
- الأطباء والمسعفون كانوا يتنقلون من مكان إلى آخر للعلاج خوفاً من النظام العراقي وهي دروس تتعلم منها الأجيال
- المقاومة الكويتية الباسلة اشترك فيها المدني والعسكري والرجل والمرأة.. ولدينا فاضلات شهيدات دفاعاً عن الكويت
محمد راتب
أكد معاون رئيس الأركان لهيئة الإمداد والتموين سابقا وأسير الحرب خلال الغزو العراقي الفريق الركن المتقاعد علي عبدالهادي الشنفا، أن لكل أزمة دروسا مستفادة، وان انتهاء الأزمة لا يعني انتهاء كل شيء، لكن مرحلة ما بعد الأزمة بالغة الأهمية في إدارة الأزمات، حيث يتم العمل على تحسين القدرات في الاستعداد لأزمات مماثلة.
وأضاف الفريق الشنفا خلال لقاء مع «الأنباء»، أن هذا ينطبق على أزمة الغزو العراقي للكويت، حيث سعت قواتنا المسلحة بعد هذه الأزمة إلى التطور في الفكر العسكري والإستراتيجيات ونظم التسليح الحديث باستخدام التكنولوجيا المتقدمة من أجل تحقيق التفوق العسكري، كما وضعت الأسس للعقيدة القتالية الحديثة التي بنيت عليها الإستراتيجية العسكرية.
وذكر الشنفا جانبا من ذكرياته عندما دخل الجيش العراقي الكويت غازيا بجنوده وعتاده، وكان هو برتبة ملازم أول في اللواء 15 مدرع في المنطقة الجنوبية، مشيرا إلى أنه تعرض للأسر مع 767 من قادة الضباط بداية الغزو.
وتحدث عن خطة الغزو التي كانت من 4 محاور وعدد فرق الحرس الجمهوري التي اعتمد عليها الغزو، كما تطرق إلى فترة الأسر بسجون النظام العراقي وكيفية المعاملة، وطرق الحصول على الأخبار حول الكويت في هذا الوقت، فضلا عن الحديث عن دور الشائعات في الحروب، من بين أمور كثيرة تطرق إليها الفريق الركن المتقاعد علي عبد الهادي الشنفا خلال اللقاء الذي تفاصيله في السطور التالية:
حدثنا عن فترة أسركم في سجون النظام العراقي وكيفية المعاملة؟
٭ تعرضت للأسر مع 767 من قادة الضباط بداية الغزو ثم نقلنا إلى بغداد، وكنا نشعر بالعذاب النفسي خصوصا أننا كنا نعيش في مكان واحد.
أما بخصوص المعاملة فقد كان العراقيون يتعاملون معنا بحذر على أننا عدد كبير، وفي أي لحظة يمكن أن يقع شيء فكانت الحراسة مشددة والمنطقة مقطوعة في البر ولا أحد يعرف الاتجاهات، فالهروب كان أمرا مستحيلا.
كان يجري التعداد مرتين كل يوم، نقوم بالاصطفاف الساعة الخامسة صباحا والظهر وقبل الغروب ندخل الغرفة ويقفل علينا الباب، وقد كان ينام في كل غرفة 70 نفرا، وفي الصباح كنا نخرج للجلوس بممر، أما الحمام فهو في الخارج فقط.
كيف كنتم تحصلون على الأخبار حول الكويت؟
٭ حصلنا على راديو بسيط نلتقط من خلاله المحطات عن طريق أقرب منطقة، وهي إيران فكان البعض يترجمها لنشم رائحة خبر مهما كانت مصداقيته، فتارة نسمع أن الأمم المتحدة اجتمعت واتفقت على نصرة الكويت، وتارة أن مجلس الأمن اتخذ قرارا ما يعطينا أملا في عودة الكويت، إلى جانب أخبار المقاومة الباسلة التي وقعت.
ولو نظرنا الى تاريخ هذه المقاومة لوجدنا أنها قد اشترك فيها المدني والعسكري والرجل والمرأة، فلدينا فاضلات شهيدات في سبيل الدفاع عن الكويت يعجز اللسان عن وصف بطولاتهن.
وهذا، فضلا عن الحالة الاجتماعية من الحراسة وتوزيع الأموال والخبز وإخراج بعض العائلات خارج الكويت، حتى الأطباء والمسعفون كانوا يتنقلون من مكان إلى آخر للعلاج خوفا من النظام العراقي، وهي دروس للأجيال عليها أن تتعلم منها.
ما الدروس المستفادة من فترة الغزو، وهل الكويت استفادت حقيقة من تلك الدروس؟
٭ طبعا لكل أزمة دروس مستفادة، وانتهاء الأزمة لا يعني انتهاء كل شيء، لكن المرحلة ما بعد الأزمة تعتبر مسألة بالغة الأهمية في إدارة الأزمات، لأنها تحسن من قدرات المؤسسة في الوقاية والاستعداد لأزمات مماثلة، وهذا ينطبق على جميع مؤسسات الدولة، وكوني عسكريا سابقا أتكلم بالجانب العسكري حيث سعت قواتنا المسلحة للتطوير في الفكر العسكري والإستراتيجيات ونظم التسليح الحديث باستخدام التكنولوجيا المتقدمة من أجل تحقيق التفوق العسكري، كما وضعت الأسس للعقيدة القتالية الحديثة التي بنيت عليها الإستراتيجية العسكرية، التي تتماشى مع أحدث الإستراتيجيات المطبقة في الدول المتقدمة، بالإضافة إلى اتباع أحدث أساليب التدريب للفرد المقاتل، وصولا إلى درجة الاحتراف من خلال التدريبات العسكرية المشتركة، وكان شعارهم «كل نقطة عرق في ميدان التدريب توفر قطرة دم في ميدان المعركة»، فكان ثمرة ذلك أن الاستعداد القتالي لقواتنا المسلحة لا يتوقف لحظة، فهو الضمان الحقيقي لدعم ومساندة ركائز الأمن الوطني في شتى المجالات، وتعزيز دوره الإقليمي، درعا للوطن وحصنا للسلام.
المقاومة الباسلة
كيف تلقيتم أنباء الملحمة الوطنية التي سطرها أبناء الكويت والمقاومة الشعبية لمواجهة العدو الغاشم آنذاك؟
٭ أراها فخرا واعتزازا وتحية لهم وإجلالا وسجلا حافلا لأبناء الكويت رجالا ونساء شيوخا وصبيانا، فهم أصحاب الهامات العالية التي ما انحنت إلا لبارئها، وهبوا أنفسهم لله ثم للوطن والأمير، فكانوا أقوياء بإيمانهم فنعم أجر المجاهدين، وقديما قالوا: «إن بلدا تدمدم فيه المقاومة ليس محتلا بعد»، فتآلفوا جميعا على قلب رجل واحد، محققين المهام المستحيلة، فكانوا للمعتدي أسودا واقفين وصقورا شامخين، وهذه شيم أهل الكويت، لم تفرقهم نعرة طائفية ولا عصبية، فاختلطت دماؤهم الزكية تحت علم الانتماء والولاء، ولا شيء يمكنه مقاومة الإرادة البشرية، فهي على استعداد للتضحية بوجودها من أجل الوصول الى أهدافها.
والمقاومة ليست فقط رفع السلاح وعمل الكمائن، بل كل من أدى أعمالا مدنية أو عسكرية هو مقاوم للعدو، وحقيقة المقاومة الكويتية ذات فكر راق وعقلية رفيعة المستوى، حيث ضربت أروع الأمثلة الناجحة من سرعة إعادة التنظيم وتقدير الموقف الناجح، وتنفيذ سياسة الاحتواء قبل الصدام، وأسس التعامل مع الأزمات منذ نشأتها، والحد من خطرها والتغلب عليها من وجود فريق عمل دائم له صفة الاستمرارية، فهذه من أسباب النجاح للمقاومة الكويتية التي عرفت بعقلية راسخة، وتخطيط سليم، وفرضيات ناجحة، ما حدا ببعض الدول الى الاستفادة من التجربة وضرب الأمثلة بالمقاومة الكويتية، خاصة عندما نتحدث عن حرب العصابات سواء بالكليات العسكرية أو عندما تكون في جلسة خاصة فكانت الكويت مضرب المثل.
الأمن الوطني أمر في غاية الأهمية لأي بلد في العالم.. كيف برأيكم تحقق الأمن الوطني في الكويت؟
٭ الأمن الوطني حالة من الاستقرار وعدم الاضطراب والتوتر النفسي، ومن الشائع أن الأمن الوطني لأي دولة يتعلق بقوتها العسكرية وهذا مفهوم ضيق يعكس عدم الإدراك السليم للمتغيرات المختلفة التي طرأت على مفهوم القوة، فالدول تستطيع تحقيق أمنها من خلال ما تملكه من إمكانات اقتصادية وسياسية وجغرافية وطاقة بشرية، بينما القوة تكون واجبها حماية هذا الأمن، إذن الأمن هو التنمية، فمن دون تنمية لا يمكن أن يوجد أمن.
وسوف تدخل في أزمات عدم استقرار، والقاعدة تقول «كلما ارتفعت درجة الكفاءة في إدارة العمل وفي المواقع القيادية قلت دائرة الأزمات والكوارث»، هذا إذا أحسنا الاختيار، والمثل المشهور يقول: (الرجل المناسب في المكان المناسب)، وجاء في الحديث: «إذا وسّد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة».
خطر الشائعات
ما دور الشائعات في الحروب؟
٭ الشائعة تؤثر وتسيطر على العنصر الاجتماعي بتلقيها، ولكي تنتشر لابد من توافر شرطين الأهمية والغموض، وغالبا تنسب إلى ضمير الغائب لأنها بدون مصدر، وتتجسد بأشكال مختلفة بالأغاني والنكت والتمثيل، والآن وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة، وهنا يأتي دور الإعلام بالرد السريع على أي شائعة أو حدث، وتواصلهم أولا بأول مع المجتمع حتى لا يكون هناك مكان لأي شائعة وأقاويل.
أما أهداف الإشاعة فهي بث الخوف، وخلخلة وحدة الصف، وهذا يؤثر على الأمن الوطني.
أما مقاومتها فكما جاء في المثل:«الوقاية خير من العلاج»، وأن يكون للفرد في المجتمع حس أمني بالتثبت من مصدر الشائعة كما جاء في الآية: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)، وكذلك عدم نقلها وتداولها كما جاء في الآية: (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم)، ولابد من السرعة في الرد عليها وإن عدم الرد عليها يعني إثباتها وتأكيدها.
خطة الغزو من 4 محاور.. 7 فرق عسكرية من «الحرس الجمهوري»
ذكر معاون رئيس الأركان لهيئة الإمداد والتموين وأسير الحرب خلال الغزو العراقي الفريق الركن المتقاعد علي عبدالهادي الشنفا خلال اللقاء، أن خطة الغزو العراقية قامت على مهاجمة الكويت من 4 محاور رئيسية بواسطة 7 فرق عسكرية من قوات الحرس الجمهوري وهي الأفضل تسليحا وتدريبا ضمن القوات المسلحة العراقية.
وبسؤاله عن محاور الهجوم وتوزيع القوات قال إن المحاور والتوزيع كانا على النحو التالي:
1 - الفرقة المدرعة حمورابي على محور صفوان - العبدلي - المطلاع - الجهراء - الكويت العاصمة تعقبها فرقة نبوخذ نصر مشاة وفرقة بغداد مشاة على نفس المحور.
2 - فرقة الفاو مشاة على محور أم قصر - الصبية وجزيرة بوبيان.
3 - فرقة المدينة المنورة المدرعة على محور الرميلة - الأبرق قاعدة علي السالم الجوية ثم الأحمدي في جنوب مدينة الكويت تعقبها فرقة عدنان مشاة على نفس المحور.
4 - فرقة «توكلنا على الله» المدرعة على محور الأوسط ما بين فرقة حمورابي وفرقة المدينة المنورة وتتمركز غرب الكويت.
اقرأ ايضاً
بالفيديو.. العقيد ركن م.ناصر سالمين لـ «الأنباء»: عشنا فترة قاسية في الأسر استمرت 238 يوماً من التعذيب الجسدي والنفسي في معتقلات البصرة والموصل وبعقوبة