- تجربة الصمود منحت البلاد خبرة في التعامل مع أي طارئ يهدّد الأمن الغذائي مستقبلاً
- التجار قاموا بفتح مخازنهم الغذائية أمام المواطنين والمقيمين لأخذ ما يحتاجونه بالمجان
أجمع متخصصون في مجال الأمن الغذائي على أن المخازن الغذائية في البلاد لعبت دورا محوريا في تعزيز الأمن الغذائي للكويتيين إبان الاحتلال العراقي الغاشم، مؤكدين ان تجربة الصمود طوال سبعة أشهر منحتهم خبرة عريقة في التعامل مع أي طارئ عالمي قد يهدد الأمن الغذائي.
واستذكر رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية السابق د.سعد الشبو في لقاء مع «كونا» أمس التضحيات التي قدمها تجار المواد الغذائية والعاملون في المجال التعاوني للمحافظة على مخزون الأغذية طوال فترة الاحتلال من 2 أغسطس 1990 وحتى تحقيق النصر في 26 فبراير 1991.
وضرب الشبو أمثلة على استمرار شركات الأغذية في مد الجمعيات التعاونية بمختلف أنواع الغذاء مثل شركات إنتاج الألبان التي منحت المتطوعين الكويتيين كامل ثقتها في تحميل ونقل منتجاتها لتنطلق يوميا الى كل الجمعيات عبر سياراتها المختصة وإيصالها للمستهلكين، مشيرا الى استمرار مصانع الغذاء والسلع الاستهلاكية الضرورية مثل اللحوم والدواجن والمعلبات الغذائية والحبوب والخضراوات والسكر والأرز ومواد التنظيف وحفاضات الأطفال والمحارم وبعض الأدوات في مد الجمعيات بهذه السلع بطرق تحفظ المخزونات من النفاد قدر الإمكان.
ديمومة الحياة
وقال إن الجمعية التعاونية في كل منطقة سكنية كانت نقطة التقاء لأهالي المنطقة لمعرفة أحوالهم واحتياجاتهم من الأغذية والمواد الاستهلاكية والخدمات، لافتا إلى ان إدارة الجمعية كانت بأيد كويتية ضحت وخاطرت في سبيل ديمومة الحياة في البلد المحتل والمنهوب، مؤكدا ان الكويتيين ومنذ الأيام الأولى ضربوا أروع أشكال البذل والعطاء، حيث فتح التجار مخازنهم الغذائية أمام المواطنين والمقيمين على أرض الوطن لأخذ ما يحتاجونه بالمجان، وقاموا بالتنسيق مع المشرفين على الجمعيات التعاونية لنقل بعض المواد الى مخازن سرية حتى لا تقع في أيدي الغزاة الذين كانوا ينقلون ما يلقون من مخازن ومحتوياتها بأكملها الى المدن العراقية.
وربط الشبو بين تراكم الخبرات الكويتية إبان الاحتلال في مجال الأمن الغذائي بالكيفية التي تمت بها حديثا إدارة واستيراد المواد الغذائية والاستهلاكية حين تعطلت سلاسل التوريد خلال الإغلاق العالمي بسبب تفشي «كورونا» في العامين الماضيين إذ لم تعان مخازن البلاد من أي نقص يذكر.
من جانبه، أكد مدير شركة اليسرة الغذائية حبيب باقر أن شركات المواد الغذائية والاستهلاكية لعبت دورا محوريا في تثبيت الصمود الكويتي في وجه الغزو العراقي الغاشم رغم كل البطش الذي تعرض له العاملون في هذا المجال.
وقال باقر الذي كان يعمل في المجال التعاوني آنذاك ان شركات القطاع الخاص نجحت بكل اقتدار في تحقيق الأمن الغذائي للصامدين على أرض الكويت عبر تعاون مدروس ومخطط له مع الجمعيات التعاونية بالرغم من سرقة القوات العراقية لكميات هائلة من المخزونات ومنها ما كان موجودا في الموانئ، مستذكرا تجربته عندما كان يعمل في جمعية الدعية التعاونية، قائلا ان مسؤولي الجمعية ومتطوعي المنطقة وضعوا خططا وتصورات لكيفية إدارة العمل منذ الأيام الأولى لبحث إدارة العمل في الجمعية وتحقيق متطلبات المنطقة.
وأوضح ان خطة العمل تمثلت في تحقيق أمرين الأول في كيفية المحافظة على مخازن المواد الغذائية والاستهلاكية ودعم الصناعة المحلية والآخر في توزيع هذه المواد على المواطنين والمقيمين، لاسيما مع انخفاض القوة الشرائية نظرا لإقفال البنوك فترات طويلة ونقص المعروض النقدي وقيام سلطات الاحتلال بإجبار الناس على استبدال الدينار الكويتي بالعراقي.
وأشار إلى قيام المتطوعين بنقل الكثير من المواد الغذائية والاستهلاكية من مخازن الجمعية وتخزينها في البيوت وتشكيل فرق شبابية تحرس هذه البيوت إضافة الى حراسة مخازن الجمعية، كما استحدثت جمعية الدعية وقتها كوبونا او قسيمة مشتريات بقيمة 20 دينارا للتبضع من السوق المركزي نظرا لإقفال البنوك وعدم توافر الأموال لدى الكثير من الناس.
وبين ان الشركات التجارية لم تكن تأخذ أموالا من الجمعيات التعاونية مقابل توفير المواد الغذائية والاستهلاكية وان محنة الاحتلال أعطت الكويت حكومة وشعبا خبرة وتجربة عريقة في كيفية تحقيق الأمن الغذائي وإدارة الأزمات، مشيرا إلى ما عانته دول متقدمة خلال العامين الماضيين جراء الإغلاق لتفشي فيروس كورونا والشح في بعض المواد الغذائية الأساسية بسبب عرقلة سلاسل إمدادات توريد الغذاء والدواء.
وطمأن باقر بأن مخازن الأغذية في الكويت تحقق الأمن الغذائي لفترات زمنية طويلة في وجه أي أزمات غذائية عالمية نتيجة للخبرات التي اكتسبتها في كيفية إدارة الملف الغذائي إبان فترة الاحتلال العراقي.
مصانع الإنتاج المحلي
من جهته، استعرض الأستاذ في كلية العلوم الصحية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب د.فهاد العجمي أهم ما تعرضت له البلاد فيما يتعلق بالأمن الغذائي بالقول ان القوات العراقية قامت بالسيطرة على مجمل السوق الغذائية ونهبت كمية كبيرة من المخازن ومعدات التصنيع ما أدى الى توقف عدد كبير من مصانع الإنتاج المحلي إضافة الى تدمير محطة الشويخ لتحلية المياه ما أدى الى نقص كمية إنتاج المياه الصالحة للشرب.
وذكر العجمي انه قام بعمل دراسة منذ سنوات عدة حول وضع الأمن الغذائي إبان الاحتلال العراقي خلص منها الى ان الغذاء كان موجودا طوال فترة الاحتلال ولكن ليس كل الأنواع والأصناف، كما كان تنوع الغذاء محدودا وبجودة أقل نظرا لتوقف الاستيراد وتعطل بعض المصانع، ومن لطف الله أن الاحتلال لم يدم أكثر من 7 أشهر وإلا لعانى الصامدون من مجاعة حقيقية مع توقف الاستيراد ونهب المخازن الغذائية ومصانع الأغذية.