تشترك دول ومجتمعات العالم في فهم رسائل الشهادة في سبيل الوطن والتي صيغت حروفها بدماء التضحية والفداء وتنظر بالمقابل إلى رفاتهم بنظرة ملؤها التقدير والامتنان لدورهم الأبرز في استعادة الحرية واستقرار الأوطان.
وفي خضم الحروب يمكن أن تبقى رفات الشهيد خارج حدود الوطن بفعل الأسر أو السجن أو المجازر الجماعية، الأمر الذي يتطلب مساعي إقليمية ودولية لاسترجاعهم بتحر وبحث مستمرين للوصول إليهم.
ومرت تجربة الكويت في البحث عن رفات شهدائها الابرار بالعديد من المراحل بدءا بإقامة المؤتمرات داخل الكويت وخارجها مطلع التسعينيات مرورا بحضور اللجان والاجتماعات الدولية وعقد الاتفاقيات خلال تلك الحقبة وصولا إلى التجربة الأكثر عمقا بالسماح للجان الكويتية المختصة بدخول الأراضي العراقية والبحث فعليا فيها عقب سقوط النظام البائد.
ولم تكن مراحل الوصول إلى مواقع رفات الشهداء هيّنة إذ ان اطوار الاستدلال عليها مرت بمراحل عديدة يشوبها الركود تارة لقلة المعلومات او تسارع وتيرة النشاط تارة أخرى عند ازدياد المصادر وسبل البحث.
ولم تتوقف لجنة شؤون الاسرى والمفقودين في وزارة الخارجية يوما عن المطالبة بجميع رفات شهدائنا وبالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق «يونامي» والسلطات العراقية المختصة تمكنت من الوصول إلى مقابر جماعية ومواقع دفن فيها العديد من الرفات.
والرفات التي تم العثور عليها لم تكن في مجملها لشهداء الكويت اذ إن اللجنة تتعامل مع ورود العينات بأسلوب وطرق علمية تبدأ بالتعاون مع الإدارة العامة للأدلة الجنائية بوزارة الداخلية وجمع العينات الوراثية من ذوي الشهداء أو فيما يعرف بعملية «استعراف» وتحديد مصير العينات.
وتخضع العينات لطرق أخرى عديدة وصولا الى مرحلة التأكد والمطالبة بها، منها الصفات الجسمانية او المعالم الظاهرية المتمثلة بالزي الخارجي وفق معلومات من سجل الأسير في لجنة شؤون الاسرى والمفقودين مرورا بالبصمة الوراثية التي وضع لها بنك للمعلومات من ذويهم يستدل بها كلما وصلوا إلى رفات جديدة.
وعند التأكد من مطابقة العينات لرفات الشهداء يتم التواصل مع ذويهم وابلاغهم ومن ثم استقبال الرفات استقبالا رسميا يليق بمكانة الشهيد وقيمته الكبرى من إقامة منصات خطابية تفخر بالتضحية في سبيل الوطن مرورا بتسمية المباني والحدائق والشوارع بأسمائهم لما يحظى هذا الجانب من اهتمام كويتي بالغ.