وصلت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى اليابان أمس قادمة من كوريا الجنوبية في ختام جولتها الآسيوية التي تضمنت زيارتها المثيرة للجدل إلى تايبيه، فيما أطلق الجيش الصيني مقذوفات وصواريخ باليستية للمرة الأولى خلال أهم مناورات عسكرية في تاريخه تحاكي «حصار تايوان».
وردا على زيارة بيلوسي إلى تايوان التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها، أطلق الجيش الصيني سلسلة من التدريبات العسكرية في 6 مناطق بحرية حول الجزيرة على طول طرق التجارة المزدحمة ولا تبعد في بعض أجزائها أكثر من 20 كيلومترا عن شواطئ تايوان.
وقال شي يي أحد المتحدثين باسم الجيش الصيني إن المناورات التي من المقرر أن تنتهي بعد غد، تضمنت إطلاق صواريخ تقليدية و11 صاروخا باليستيا من نوع دونغفينغ على المياه قبالة الساحل الشرقي لتايوان.
وأكد في بيان أن «كل الصواريخ أصابت هدفها بدقة واختبرت الضربة الدقيقة وقدرات منع الوصول» إلى المنطقة، فيما دانت وزارة الدفاع التايوانية هذه «الأعمال غير العقلانية التي تقوض السلام الإقليمي»، ودانت المناورات التي قالت إنها تهدد أمن شرق آسيا.
وذكرت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية المعروفة بلهجتها القومية نقلا عن محللين عسكريين قولهم إن التدريبات تجري على نطاق «غير مسبوق» لأنها المرة الأولى التي يطلق فيها الجيش الصيني ذخيرة حية ونيران مدفعية بعيدة المدى فوق مضيق تايوان.
وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية أن التدريبات تهدف إلى محاكاة «حصار» للجزيرة وتشمل «مهاجمة أهداف في البحر وضرب أهداف على الأرض والسيطرة على المجال الجوي».
وجرت المناورات على مستوى الطرق التجارية الأكثر ازدحاما في العالم والتي تكتسي أهمية كبرى إذ إنها تربط مصانع أشباه الموصلات والمعدات الإلكترونية في شرق آسيا بالعالم وتستخدم أيضا لنقل الغاز الطبيعي.
وخلال الأشهر الـ 7 الأولى من العام الحالي، عبرت قرابة نصف سفن الشحن في العالم مضيق تايوان، بحسب بيانات جمعتها وكالة بلومبرغ الأميركية.
ويقول جيمس شار الباحث المشارك في كلية الدراسات الدولية في سنغافورة: «بما أن جزءا كبيرا من أسطول الحاويات العالمي يمر عبر هذا الممر المائي، فإن تغيير المسار (الناجم عن المناورات) سيسبب حتما اضطرابات في سلاسل الإمدادات العالمية».
من جهة أخرى، تعطلت المواقع الإلكترونية الحكومية التايوانية الرئيسية مؤقتا خلال زيارة بيلوسي لتايبيه، بسبب ما يعتقد أنه هجمات إلكترونية مرتبطة بالصين وروسيا.
وتعرضت المواقع الإلكترونية للإدارة الرئاسية ووزارتي الخارجية والدفاع وبوابة الإنترنت الحكومية الرئيسية باللغة الإنجليزية لهجوم عند وصول بيلوسي.
في غضون ذلك، حطت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي ببلوسي في اليابان، آخر محطة في جولتها الآسيوية، حيث هبطت الطائرة التي كانت تقلها في قاعدة يوكوتا الجوية في العاصمة طوكيو.
وفي ختام زيارتها لسيئول التي استمرت يومين، تعهدت بيلوسي ونظيرها الكوري الجنوبي كيم جين بيو بدعم الجهود المبذولة للحفاظ على قوة ردع ضد كوريا الشمالية وتحقيق نزع سلاحها النووي.
واعرب الجانبان في بيان مشترك بعد اجتماع ثنائي، عن مخاوفهما من تطور التهديدات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية، واتفقا «على دعم جهود الحكومتين لتحقيق نزع السلاح النووي الفعلي والسلام من خلال التعاون الدولي والحوار الديبلوماسي على أساس الردع القوي والموسع ضد الشمال» بحسب البيان المشترك.
وزارت بيلوسي المنطقة الأمنية المشتركة بالقرب من الحدود شديدة التحصين بين الكوريتين، التي تنفذ دوريات مشتركة بها قوة تابعة للأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة وكوريا الشمالية والجنوبية.
وبذلك تكون بيلوسي أعلى مسؤول أميركي يزور المنطقة بعد الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي التقى بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون هناك عام 2019.
وبحسب نائب مستشار الأمن القومي الكوري الجنوبي كيم تاي هيو، فإن إن الرئيس يون سوك يول لم يلتق بيلوسي «لأنه كان في إجازة مقررة مسبقا»، لكنه أجرى اتصالا هاتفيا معها لمدة 40 دقيقة تعهد خلاله بالتعاون الوثيق مع الكونغرس الأميركي في تطوير تحالفهما الاستراتيجي العالمي.
وتوقعت وسائل الإعلام في كوريا الجنوبية أن يون ربما تهرب من لقاء بيلوسي لتجنب استعداء الصين بعدما أدت زيارتها لتايوان إلى إثارة غضب بكين، غير أن تشوي يونغ بوم مسؤول العلاقات العامة في مكتب الرئيس في سيئول قال للصحافيين «كل قرار اتخذ بناء على مصالحنا القومية» ولن يكون هناك أي تغير في موقف الدولة الخاص بوضع التحالف مع الولايات المتحدة على رأس الأولويات.
ورفض تشوي التعليق على سؤال حول ما إذا كانت المصالح القومية تضمنت أيضا العلاقات الديبلوماسية والوضع الإقليمي.